للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخبارهم بل حفظ القرآن، وروى الحديث النبوي. قال صاحب خزانة الأدب (البغدادي): (روى الفرزدق عن علي عليه السلام وعن غيره من الصحابة). وقال صاحب النجوم الزاهرة: (روى الفرزدق عن عليّ بن أبي طالب وغيره وكان يرسل، وروى عن أبي هريرة وعن جماعة) فثقافته أعلى ثقافة يبلغها شاعر في ذاك العصر).

(ويجمع الفرزدق إلى خصب المخيلة وسعة الرواية كثرة النواحي، فشعره سجل حياته ومرآة عصره).

(ونفس الفرزدق طويل، وقصائده التي تزيد أبياتها على المائة كثيرة، وله القصائد القصار، وهو في كلا القسمين لا يسف ولا ينزل عن طبقته).

(وقد استقام للفرزدق من الأبيات الجامعة بين شرف المعنى وشرف اللفظ ما لم يستقم لغيرة، فهو أكثر الشعراء الإسلاميين بيتاً مُقلَّداً).

(وشعره في جملته يدل على قدرة الشاعر وبعد نظره وإحاطته بما يرمي إليه من الأغراض وسعة مخيلته وانفساح مجاله ولذلك كثرت فيه الصور).

هذه جمل من (الكتاب) في باب البحث عن شعر الفرزدق وهي تساند مقالة البحتري في (معاني الفرزدق وحسن اختراعه وبأبواب هجائه التي يخترعها ويبدع فيها) وتعلن من النبوغ الفرزدقي ما تعلن، وتقوى الظن الذي ظنناه في اختيار الأستاذ هماماً من بين الثلاثة الإسلاميين واختصاصه إياه بهذا الكتاب. وقد أوضح الأستاذ المردمي ما أوردته من أقواله أبلغ إيضاح، وأيدها بأبيات كثيرة للشاعر.

يقول الأستاذ في تضاعيف البحث عن شعر همام: (وأما تمثيله العربية في فصاحتها وشواردها، وتاريخ العرب في مناقبهم ومثالبهم حتى قيل (لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب) وقيل (لولا شعر الفرزدق لذهب نصف أخبار الناس) فذلك لكثرة مفرداته، وصحة تراكيبه، وجزالة أسلوبه، واشتمال شعره على الغريب، وأوجه التعابير الفصيحة، ووفرة ما تضمنه فخره وهجاؤه ومدحه من أخبار العرب وأيامها ومفاخرها، ومثالب من يهجوهم في الجاهلية والإسلام. خذ مثلاً لذلك نقيضة من نقائضه مع جرير تجد فيها صحة اللغة وفصاحة الأسلوب وجزالة التركيب ورصانة القافية وعراقة العربية مع شيء من الغريب كما تجد كثيراً من أخبار العرب في الجاهلية والإسلام، فلو جمع باحث مفردات

<<  <  ج:
ص:  >  >>