للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفرزدق التي استعملها في شعره لكادت تكون معجماً، ولو توفر على ترتيب ما فيه من الأخبار والحوادث والمفاخر والمخازي والعادات والأساطير والخرافات لجمع تاريخاً لحوادث الجاهلية وحياتها الاجتماعية. والشواهد على ذلك أكثر من أن تذكر نكتفي بإيراد قليل منها قال: نقائض ص١٨٩) وروى الأستاذ ثمانية أبيات من القصيدة التي مطلعها:

إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول

ثم قال: (هذه الأبيات الثمانية فيها من الأخبار والحوادث والأيام ما استغرق عشر صفحات من كتاب النقائض، ولا سبيل لتلخيصها هنا) وأشار إليها، وروى وبيّن غير ذلك مما يحق مقالته في الفرزدق.

وممن يماثل هذا الشاعر من المولدين في اشتمال كلامه على أخبار كثيرة وإشارات ذات بال - حبيب (ففي شعره علم جم من النسب، وجملة وافرة من أيام العرب) وأبو بكر الخوارزمي الذي يستظهر رسائله كلها العلامة الأستاذ الأمير شكيب أرسلان.

والقول المتقدم في أبي تمام هو في (رسائل الانتقاد) لابن شرف القيرواني، وقد نشرها العلامة الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب الصمادحي في مجلة (المقتبس) للعلامة الأستاذ الرئيس محمد كرد عليّ.

ويقول الأستاذ: (ومن التعابير العربية التي حفظها لنا شعره قوله: نقائض ص٢٨٣ أو بين حيّ أبي نعامة هارباً أو باللحاق بطّيء الأجيال حيّ أبي نعامة أي وهو حيّ نقول فعلت ذاك حيّ فلان أي وفلان حيّ).

وهذا القول قد هدانا إليه بيت الفرزدق. وفي العربية شئ كثير من مثل هذا التعبير خفي معناه أو أشكل ولم يكشفه لنا شرح أو تفسير. قال ابن فارس: (إنا نرى علماء اللغة يختلفون في كثير مما قالته العرب فلا يكاد واحد يخبر عن حقيقة ما خولف فيه بل يسلك طريق الاحتمال والإمكان)، وأورد في كتابه (الصاحبي) طائفة من الأقوال لم تستبن حقيقتها عنده، ومما ذكره: (يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (لا تقولوا دعدع ولا لعلع ولكن قولوا: اللهم، ارفع وانفع) فلولا أن للكلمتين معنى مفهوماً عند القوم ما كرههما النبي صلى الله عليه وسلم).

(الإسكندرية)

<<  <  ج:
ص:  >  >>