أما الشيء الذي يعترض به في الواقع على ما جاء به الدكتور محمد محمود غالي، فهو أنه تعقيداً أكثر من اللازم بمبدأ النشاط الحراري الثامن الذي قال به العلامة ساري كارنو عام ١٨٢٤ والذي ينص على أن الطاقة في تحولها تتنزل وأن ليس في المستطاع عكسها. لأنه من المعروف أنه من اليوم الذي أذاع كارنو فيه رأيه قد بذلت الجهود في سبيل إيجاد التلاؤم بين مبدأ تنزل الطاقة وعدم عكسها ونظرية القوى المركزية التي تفترض إمكان عكس أي شيء في الطبيعة. ومن هنا قامت جهود ماكسويل وبولتسان وجيبس في أن الحادثات لو كانت تقترب من حلة التجانس، فليس ذلك نتيجته لأن العناصر المتباينة تميل لعدم التخالف والتباين، وإنما يعود ذلك إلى الاختلاط، فالاختلاط إذا بلغ الحد الأعظم اللامتناهي، أو ما يقرب منه بدا وكأنه متجانس للنظر وهو في الواقع غير ذلك. وفي هذا وحده عدم إمكان تصور أن الأجسام الساخنة لا ترجع لحالتها الأصلية عن طريق العكس. وكما أننا لو فرضنا حبة من قمح أخفيت في كومة من الشعير واختلطت بها، فتصور هذا الحادث من السهولة بمكان، والنظر البشرى لن يميز وجود هذه الحبة ومن هنا سيحكم بأن الكومة كلها متجانسة مكونة من مادة الشعير. وهو لو عرف أن حبة قمح قد اختلطت مع الكومة وذهبت طي الكوم فإنه سيعتقد باستحالة استخلاص حبة القمح من الكوم. وفي هذا وحده كان تفسير لعدم إمكان العكس الذي يتظاهر بمبدأ كارنو.
إلا أنه من المهم أن نلاحظ أن هذه المحاولات تستند إلى قوانين الإحصاء وهي إن كانت صحيحة في عالم النظر، ولكن مبدأ كارنو كان بكل قوته في عالم الوقع كمبدأ تؤيده التجربة. ولكن الذي حدث أنه في أواخر القرن التاسع عشر لاحظ العلامة برون في المايعات التي يستحضرها تراقصاً غير منتظم في الجزيئات، وعرف هذا التراقص بالحركة البرونية وقد ظن بادئ ذي بدء أن هذه الظاهرة وقف على عالم الأحياء إلا إن بعضهم لاحظ وجودها في العالم الميكانيكي - الآلي - وافترض لتعليلها أن الضوء يتجمع ويتكاثف على هذه الجزيئات، ولما كان الضوء لا يفترق عن موجات الحرارة؛ فإن الحرارة تتخلف في ذلك الوسط من مكان لآخر ويكون نتيجة ذلك مجموعة من المجارى وهي تحدث هذه الحركات. غير أن البحاثة نقض هذا الفرض بأن بين أن هذه الجزيئات كلما كانت صغيرة كانت حركاتها المشهودة تدل على أنها أسرع، هذا إلى أن هذه الجسيمات لا