نفسها مسوقة إلى تضحية حقوق أبنائها واستقلالهم لزيادة قوتها واستعدادها للدفاع عن كيانها كما هو ظاهر اليوم، ومن النتائج المحققة لسياسة القوة والسيادة انتشار الفقر بين جمهور الشعب وازدياد عدد العمال العاطلين، وانتشار الفساد واليأس بين السكان.
وتقود هذه السياسة إلى الحرب الاقتصادية بين الأمم حيث تحاول كل أمة أن ترعى مصالحها الاقتصادية بصرف النظر عن مصالح الأمم الأخرى، فترتفع الضرائب وتمتنع الهجرة ويوقف تصريف رؤوس الأموال.
وهذه القيود والحواجز الاصطناعية من شأنها أن تزيد في محصول كل أمة، فيضيع التوازن بين محصول الأطعمة والخامات والقوة الصناعية، لا في هذه الأمم فحسب ولكن في العالم أجمع.
صوت من مقبرة تشيكوسلوفاكيا
(عن (ليدوفي توفيني) براج)
الأمم كالأفراد يقابل سقوط بعضها بالأسف كما يقابل موت البطل في أسفار التاريخ. ويدرك بعضها الفناء، فتنضب قواها، ويزول نفوذها شيئا فشيئا كما تتلاشى المياه وتزول في أعماق الرمال فلا يجد المؤرخ فرصة للتحدث عن مجدها وسلطانها الزائل. ومما لا شك فيه أن تاريخ بريطانيا وفرنسا منذ انتهاء الحرب العظمى ينتمي للنوع الأخير.
ففي سنة ١٩١٨ كانتا تمثلان أكبر قوة على الأرض وكانت كلمتهما هي القانون. فماذا بقى اليوم من هذه القوة؟ كل إنسان يستطيع أن يجيب على هذا السؤال بسهولة، وعلى الأخص إذا كان من سكان أوربا الوسطى، فقد أصبحوا وكأنما فصلهم عن بريطانيا وفرنسا محيط مترامي الأطراف!
قال حكيم من حكماء الرومان: الإنسان لا يكون سيئا مرة واحدة. ومما لا شك فيه ألا يكون كذلك ضعيفا مرة واحدة ومن الصعب علينا أن نعرف بالتحديد اللحظة التي أخذت فيها قوى الديمقراطية الغربية في الانحدار. فمن المحتمل أن نعزو ذلك إلى ظروف كثيرة وأسباب عديدة. لقد كان الفيلسوف الأماني (فردريك نيتشة) قليل الثقة بالقيم الأدبية للانتصارات. فكان يقول: إن الانتصارات كثيرا ما تحيط الأمة بسياج من البلادة وقد نكون قريبين من