الصواب إذا قلنا إن الانتصارات تصيب الأمم بالكسل على الدوام.
إن الهزيمة ولا شك هي التي ألهبت بسياطها نشاط الأمة الألمانية وحفزتها إلى العمل. وقد عرف زعيم ألمانيا قيمة الجيش للدولة فجعل همه إذكاء روح الرجولة والقوة بين أبنائها ودعوتهم ليكونوا على استعداد للموت في أي لحظة إذا احتاج الأمر. فهذا الموقف الجديد لم يقابل من فرنسا وبريطانيا العظمى بالاهتمام ولم تتيقظا له إلا بعد سنين من النوم والإهمال. وقد ظلت بريطانيا إلى اللحظة الأخيرة مكتفية بجيشها الصغير ولم تكن لتكلف أبناءها بشيء أكثر من دفع الضرائب. فكانت النتيجة الطبيعية أن خفت صوتها في هذا العالم الذي بدأت مظاهره من سنة ١٩٣٣ وقد أصبحنا نسمع الشباب في إنجلترا يتحدثون بلسان السخر والاستهتار عن قيمة الإمبراطورية التي شادها آباؤهم وأجدادهم، ويعلنون أنهم لا يريدون لإمبراطوريتهم العظيمة إلا الهدوء والسلم. أما فرنسا فعلى الرغم من جيشها الكبير فقد وقفت جامدة إزاء الفوضى التي تعم كل مكان للمحافظة على جبهتها.
إن أزمة سبتمبر الخالي تبين مقدار ما وصلت إليه عزيمة بريطانيا وفرنسا من الانحدار. فالهمة التي أبدتها الأمتان تجاه هذه الأزمة، سرعان ما تبخرت تحت تأثير حب السلامة والكسل حينما أتيحت الفرصة إلى ذلك!! لن ينسى العالم هذا الموقف العجيب. ولن ينسى صورة مستر تشمبرلن رئيس الوزارة الإنجليزية وهو ينحني من عربته غب عودته من ميونخ، ملوحا للجماهير بوريقة كتب فيها بضع كلمات، ليقول: لقد استخلصنا السلم للعالم.
لماذا يكذب الأطفال
(عن مجلة (هيجيا) بشيكاجو)
يجب أن يعلم الأطفال أن مدنيتنا قائمة على الاحترام والثقة المتبادلتين بين الناس على أساس الأمانة والشرف. ويجب أن يعرفوا أن الصدق أمر حيوي في حياة الإنسان، وأن الكاذب لن يكسب احترام مواطنيه. ولكن هل العقاب المحض هو خير الطرق لإفهامهم ذلك؟ إذا عرف الآباء لماذا يكذب الطفل فمن المحتمل أن يستطيعوا إبعاده عن هذه الصفة الذميمة دون أن يلجئوا إلى العقاب العنيف. والكذب نوعان: كذب مقصود وهو الذي يحاول فيه الطفل أن يغش الآخرين، وكذب غير مقصود وهو الذي لا يدرك الطفل ما فيه من