بها في أوقات الفرص. ثانياً: تسويغ استعمالها لتفهيم العقائد الدينية للصغار. ثالثاً: تخصيص ساعات لتعليمها كدرس خاص. رابعاً: تحميلها مهمة تعليم بعض الموضوعات الدراسية. وأخيراً زيادة هذه الموضوعات بصورة تدريجية.
كما أن (التاريخ) أيضاً لم يدخل المدارس إلا مجتازاً مراحل عديدة: أولاً على شكل (التاريخ المقدس) مرتبطاً بدروس الدين. ثانياً: على شكل (تاريخ اليونان) و (تاريخ الرومان) مرتبطاً بدروس اللاتينية واليونانية.
أنني لا أرى داعياً لاستعراض جميع التطورات التي طرأت على المناهج الأساسية في المدارس المذكورة، حتى أواسط القرن التاسع عشر. غير أنني أود أن ألخصها بكلمة مختصرة، وهي: إفساح المجال للعلوم المختلفة شيئاً فشيئاً، بجانب اللاتينية واليونانية، دون إخراج هاتين اللغتين من نطاق الدروس الإجبارية.
كان بعض المفكرين والمربين يدعون إلى أحداث انقلاب أساسي في مناهج التعليم من حين إلى حين. كانوا يظهرون ارتيابهم في فوائد تعليم اللغات القديمة، حتى انهم كانوا يصلون بانتقاداتهم هذه إلى درجة القول بضررها؛ غير أن هذه الآراء قلما كانت تجد آذاناً صاغية، فلم تستطيع أن توجد تيارات فكرية قوية تؤثر على الحالة الراهنة.
مع هذا اشتدت الحملات على اللاتينية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر، أخذت الانتقادات تتغلغل في محافل المفكرين، من جراء انتشار روح الثورة واشتداد نزعة الإصلاح والتجديد من جهة، ومن جراء تقدم العلوم وتعقد الحياة الاجتماعية من جهة أخرى.
فازداد تساؤل المفكرين والمربين يوماً عن يوم: هل من ضرورة تدعو إلى الاستمرار على تعليم اللغات القديمة في المدارس الثانوية؟ ألم يكن هذا التعليم من آثار النظم البالية التي توارثتها المدارس المذكورة من عهد القرون الوسطى؟ ما الفائدة من تعليم هذه اللغات بعد أن لم يبق على وجه الأرض من يتكلم بها؟ وإذا قيل أنها لا تخلو من فوائد، فهل تعادل هذه الفوائد الجهود العظيمة والأوقات الثمينة التي تصرف وتبذل في هذا السبيل؟ ألا يمكن الوصول إلى الفوائد المذكورة من طرق أخرى بوسائط اقل عمقاً من تعليم اللغات الميتة؟
أن هذه الأسئلة فتحت ميداناً فسيحاً للأبحاث والمناقشات التربوية. وهذه الأبحاث