للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وغدا أخوها إلي، وفي رأيه أن آصرة أخرى قد ربطت بيني وبينه، فدفعته في هوادة، وانطويت عنه في رفق.

وغبرت زماناً لا أوصد الباب دونه، ولا ألين لكلماته، والفتاة تستحثني إلى أمر، والقضاء من ورائهما يدفعني إلى غاية.

وعلى حين غفلة مني ألقيت إلى أهلها السلم، فإذا أنا زوج للمرة الثانية!

وتناهى الخبر إلى زوجتي الاولى، ففزعت إلى أهلها، وفي أحشائها بضعة مني، وخلفتني ونزوات قلبي.

ودخلت زوجتي الثانية داري ترف رفيف الأمل الحلو، تملأ الدار والقلب جمالاً وبهاء، فسكنت إليها وسكنت هي

وسيطر علي الهوى، فران على قلبي. فلم يدعني أفكر فيما اقترفت من جرم جرته الغواية العمياء على زوجتي الأولى وعلى أبني جميعاً. . . فاندفعت لا ألقي السمع إلى صيحات هذا الطفل، ولا أبالي بآلام الزوجة المسكينة، ولا أعبأ بوخزات الضمير.

وقابل أهل زوجتي الأولى حماقتي بلطف، وجهلي بحلم، وغوايتي بكرم، وجنايتي بإحسان!. . . على حين كانت الزوجة الثانية تسعد إلى جانبي، وتبذل غاية الجهد في أن تسيطر على قلبي جميعه لتسدل بيني وبين زوجتي الأولى وأبني ستاراً كثيفاً من النسيان، وتستحث الأيام لتغريني بأمر.

وهب القلب من رقدته بعد سنوات ثلاث، فانطلقت أريد أبني وقد فقدته منذ زمان، فما أبت الزوجة ولا استعصى ذووها فإذا أبني بين يدي المح فيه أيام طفولتي: أداعبه فيبتسم، وألاطفه فيضطرب، وأضمه إلى صدري فيتعلق بي. وكأنه يقول: (أين كنت يا أبي؟ لا تذرني هنا يتيماً، فاستشعر الذل والمسكنة، وأنا ما أزال طفلا يحبو) فخرجت من لدنه وفي رأسي عاصفة هوجاء ما تستقر!

آه! لقد زعمت أن قلبي يطمئن حين أخلص إلى أبني وزوجتي وهأنذا قد طرحت التي أحب فطرحت معها قلبي. . . آه! يا صاحبي، لقد كان لي قلب فضيعته وأنا الآن - كما ترى - أضرب في أرجاء الأرض وحدي لا أجد القرار ولا استمتع بالحياة. لقد خيل إلي أن المرأة سلعة فإذا هي راحة القلب وبهجة الدار وجمال الحياة، فأين أجد السلوة يا صديقي؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>