وخير ما يقال في أقاصيص تيمور بك أنها قطع من الحياة منتزعة في كل بساطة وصدق. فهي صفحة ساذجة من الحياة؛ إن لم تر موضوعاً فيها تدور حوله الأقصوصة، أو غرضاً ترمي إليه، فإنك تستشف من وراء أقاصيص الرجل صفحات من الحياة يعرضها عليك في دقة مشهورة بأسلوب الوصاف لا بريشة الرسام أو المصور.
وتعتبر (المجموعة) التي أصدرها في هذه الأيام من خير مجموعاته القصصية، وهي مصدرة ببحث عن المصادر التي ألهمته الكتابة. وهذا البحث في الأصل محاضرة ألقيت بقاعة يورت بالجامعة الأمريكية مساء ٥ مارس سنة ١٩٣٨. وقد وفق فيها تيمور بك إلى حد كبير في سبر غور الموضوع الذي يطرقه، كما نجح نجاحاً يذكر في الكشف عن العوامل التي اكتنفته فوجهته توجيهاً أدبياً صرفاً، وعملت على طبعه بطابع خاص. ومن رأي تيمور بك أن العوامل التي تحدد كل جانب وتكونه هي ثلاثة أمور أساسية: وراثة وبيئة وحوادث، تتدخل فتجري مجرى الحياة الباطنية من طريق إلى آخر. ويرى هو أن عامل الوراثة يتمثل معه فيما أورثه إياه والده من حب الكتابة، وشقيقه المرحوم محمد تيمور من حب الأدب القصصي. وهذا العامل قد ساقه بتداخله مع بيئته إلى الأدب، كما أنه يرى أهم العوامل التي أثرت فيه متصلة بأسباب مطالعته. وأهم الكتب التي تركت آثراً في ذهنه: هي ألف ليلة وليلة، وأقاصيص موباسان، وتشيكوف. على أننا نلاحظ على هذا الفصل أن الكاتب وقف في بسطه للموضوع وسبر أغوار نفسيته عند الجمل. فلم ينزل به إلى التفاصيل التي تعين على رسم صورة حقيقية دقيقة عنه.
وفي هذا الفصل مطالعات تستوقف النظر: أهمها رأي الكاتب في (ألف ليلة وليلة)، وتفسيره لقوة الخيال فيها بأنها ترجع إلى كونها - جاءت عن طريق الفرس - وهذه ملاحظة قيمة لها دلالتها القوية على بعد نظر الكاتب وعدم جريه وراء الأوهام التي يجري وراءها بعض الذين يكتبون في الأدب العربي من الكتاب المعاصرين.
أما المجموعة نفسها، فتحتوي على اثنتي عشرة أقصوصة، تستهل بأقصوصة (فرعون الصغير). وهي أقصوصة يبرز فيها اللون التخيلي من حيث يتغلب على بناء الأقصوصة الجو الخيالي. على أن هذه التخيلية عند الكاتب في هذه الأقصوصة تجعل فكرة الأقصوصة غير متسقة في أجزائها. ففي هذه الأقصوصة تجده يصور الشاب بطل الأقصوصة شاباً في