سن السابعة عشرة - مدفوعاً إلى ذلك بفكرة أولية، هو أن يخلق صلة شبه بين الشاب والفرعون الصغير توت عنخ أمون الذي مات في السابعة عشرة، أو الثامنة عشرة من عمره - وهذا التصوير الأنيق في بناء القصة مع الدور الذي يقوم به الشاب من أنه تخلف عن داره وبات خارجها مع الأمريكية الحسناء.
وفي الأقصوصة الثانية وهي (غريم) تجد تيمور بك يقيم هيكل أقصوصة على أساس من تنازع العواطف، وهذا ما تراه واضحاً في شخصية رشدية يسري. وهذا اللون الباطني وإن كان خفيفاً في هذه الاقصوصة، فهو يعود إلى علم النفس الحديث، والتأثر بالفريدوية واضح فيها. على أنه في وصفه لشخصية رشدية يسري تتنبه فيه ملكته الواقعية الساذجة؛ فتراه يعمد لتصوير شخصيتها في دقة وبساطة. وهي في تصويره لشخصيتها يبدو وبيده ريشة المصور من حيث يستخدم الألوان ويمزجها لخلق الأطياف والظلال. على أنه في تصويرها يبدو لي وكأنه نظر لقصة بنت يزيد لرفيق خالد بك القصصي التركي الكبير حين عرض لتصوير (زليخا) بطل قصته.
وفي الأقصوصة الثالثة وهي (حزن أب) تجد تيمور بك يبرز شخصية (الشيخ عساف) في صورة إنسان قد توزع فيه الإحساس بعد أن صدم بوفاة أبنه، وهو ينتهي من تصويره بأن يريك الأب قد انتحر. . . وبهذا تخلص من توزع مشاعره واحساساته. وجو الأقصوصة يوحي بلون باطني، ولكن لا يكاد يستشف منها، وإن أمكن إدراك لونها، بأن تترك القصة توحي إليك بجوها ألوانها الباطنية. وهكذا يمكنك أن ترى من مجرى حوادث الأقاصيص أن التخيلية من جهة والباطنية من جهة أخرى أخذت تطغي على الواقعية الساذجة، ولكن بدون أن تغرقها. وهذا التطور عند تيمور بك طبيعي لأنه رجل فنان وفنه يستولي عليه، ويختار التعبير الذي يتسق مع الجو الذي يضطرب في طوايا نفسه.
والحق أن هذا التطور عند تيمور بك يعتبر تلطيفاً لجمود الواقعية. والأصل الواقعي ثابت من نفسه بعد ذلك، ولا أدل على ذلك من ظهوره بصورة خيوط تتعارض في نسيج أقاصيص الرجل. . .
هذه مجموعة أقاصيص (فرعون الصغير) وهي مجموعة طيبة من الأقاصيص تدل على تطور الفن القصصي عند تيمور بك ولكن مع استناده إلى الأصل الثابت من نفسه، وهي