تجبى إليه بلاد الله قاطبة ... أخلافُها ثرَّة لأمره دِرَر
وفي سليمان آيات وموعظة ... وفي هشام لأهل العقل معتبر
واذكر أبا خالد ولى بمهجته ... ريب المنون وولى قبله عمر
وفي الوليد أبي العباس موعظة ... لكل من ينفع التجريب والفكر
دانت له الأرض طراً وهي داخرة ... لا يدفع الذل من أقطارها قطر
بينا له الملك ما في صفوة كدر ... إذ عاد رنقا وفيه الشوب والكدر
كانوا ملوكا يجرون الجيوش بما ... يقل في جانبيه الشوك والشجر
فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ... قفراً سوى الذكر والآثار إن ذكروا
ويظن بعضهم أن لو استمر ملك القوم قرناً آخر لتعربت الدنيا، وأحال أهلها
يقول الأستاذ في باب البحث عن شعر الفرزدق: (وإذا أردت أن تقف على الأسلوب العربي الصريح بجزالته وفخامته فاسمع قوله:
أحلَّ هُزيم يوم بابل بالقنا ... نذور نساء من تميم فحلت
فأصبحن لا يشرين نفساً بنفسه ... من الناس إن عنه المنية زلت
يكون أمام الخيل أول طاعن ... ويضرب أخراها إذا هي ولت
عشية لا يدري يزيد أينتحي ... على السيف أم يعطي يداً حين شلَّت
وأصبح كالشقراء تنحر إن مضت ... وتضرب ساقاها إذا ما تولت
لعمري لقد جّلى هزيم بسيفه ... وجوها علتها غبرة فتجلت
وقائلة كيف القتال ولو رأت ... هزيماً لدارت عينها واسمدرت
وماكر إلا أول طاعن ... ولا عاينته الخيل إلا اشمأزت
ويزيد المذكور في هذا الشعر هو ابن المهلب، وكان خلع يزيد بن عبد الملك ورام الخلافة لنفسه، وقال له مشعبذون إنه سيلي الأمر ويهدم دمشق. . .
يخبرك الكهان أنك ناقض ... دمشق التي كانت إذا الحرب حرّت
ولما واقعه جيش مسلمة في العقر عقر بابل ضرب هريم ابن أبي طحمة المجاشعي يد يزيد فقطعها، وقتله القحل بن عياش وضرب يزيد القحل فماتا جميعاً. قال الطبري: (انفرج الفريقان عن يزيد قتيلاً، وعن القحل بآخر رمق، فأومأ إلى أصحابه يريهم مكان يزيد يقول