للبحور الشعرية موسيقى خاصة، ولكن كل بحر إنما هي موسيقى فردية، فلنجعل للقافية وللوزن مكانهما في الشعر ولكن يكون أوسع من مكان الترجيع الممل في الموسيقى الفردية. وهناك إلى جانب هذا تمثيل الصوت بحيث يؤدي المعنى ويسمى وقد نظم تنيسون مقطوعة شعرية عن البحر، لتخال وأنت تقرأها أنك تسمع صوت جرجرة البحر وصخب الأمواج، وقد تم لمشاعر ذلك بانتخاب أحرف خاصة.
ثم المجاز والتشبيه، وهمار كنان ينبغي أن نجعلهما يخدمان الفكرة لا أن تخدمهما، فهناك مواقف نحتاج فيها إلى التشبيه، ولا يمكن فهمها بدونه، خاصة إذا كان المعنى المراد تأديته إنما يقرب الذهن إن نحن ألبسناه صورة خاصة من الشبه.
أما الناحية الأخيرة من نواحي النقد فهي التأثير الفني الإجمالي
لكن ما هو هذا التأثير الفني؟ وأخالني أرى أولئك الذين ينتخبون ملكات الجمال، فيعمدون إلى قياس التناسب الجسديلمعرفة التناسق الجمالي، يسألون أنفسهم نفس السؤال: ما هو الأثر الإجمالي الذي يعطيه هذا التناسق الجسدي في مجموعه؟ وفي اعتقادي أن الإجابة على هذا السؤال تتوقف في النهاية على تميز هذا المجموع عن ذلك. إن لكل قوم ولكل زمان نماذج خاصة للجمال، وقد يفهم كل من الجمال بقدر ما توارثه من صور الجمال في ذهنه أو بقدر ما يصبو إليه في زمنه.
قد يقرأ القارئ قطعة ثم يعود إليها فيفهم منها غير ما فهمه في المرة السالفة. ولشكسبير بعض قطع كلما قرأتها تبين لك معنى جديد، فكأنما الكاتب قد ملك ناصية المعاني وهو يكتب إليك من علياء بيانه فتقرأ تعبيره يوماً ما ثم يذهب بك الزمن فتقع في نفس الظروف والملابسات التي عرضت لذلك الكاتب فتتذكر اللفظ الذي كتبه وترى معنى جديداً