تعود عليهم وحدهم بالأذى وتغر الدول التي تنخدع بأقاويلهم. وغايتنا الوحيدة هي تخليص البلاد من العبودية والظلم والجهل وأن نرفع السكان إلى مركز لا يمكن فيه الاستبداد أن يعود كما كان في الأزمنة الماضية ينشر الخراب والدمار في مصر. وإن هذا الذي أكتبه إليك هو ما يفكر فيه كل مصري عاقل يحب حرية بلاده)
هذا ما يقوله عرابي وهذا ما كان يرجوه المصريون من إنجلترا من عهد يرجع إلى قبيل الاحتلال. وكم تكرر في مصر من أشباه ونظائر لهذا الموقف! وكم جاء مثل هذا الكلام على ألسن غير لسان عرابي ولكنا نحجز القلم عن الاتجاه إلى غير ما نحن فيه فالسياسة الإنجليزية في مصر هي هي وإن تغير الزمن واختلفت في موضع زعامة الرجال
وقد أكد عرابي هذه النيات في كتابه الثاني، ومما جاء فيه:(ونحن ميالون أشد الميل إلى التفاهم عن المصالح المتبادلة بيننا وبين الدولة المرتبطة بنا. وليس للدول ذوات المصالح في بلادنا من سبيل للانتفاع بعقودهم ومعاهداتهم إلا إذا كانت الصداقة التي بيننا وبينهم وثيقة. فإذا قطعت هذه الصداقة فالضرر لن يعود علينا وحدنا بل يعود على الدول أيضاً وبخاصة إنجلترا. وليس هناك سياسي كبير الإدراك إلا ويفهم قيمة المنافع التي تعود على إنجلترا من صداقتها لنا ومعاونتها إيانا في كفاحنا). . . وقال:(إننا قد نوينا نية صادقة على أن يكون لأمتنا مركز بين الأمم المتمدنة بنشر المعارف في البلاد والمحافظة على الاتحاد والنظام والقضاء بالعدل بين الناس أجمعين. ولا يمكن لشيء في العالم أن يردنا عن قصدنا قيد شعرة فلن نخشى الوعيد أو التهديد ولن نخضع إلا لحكم الصداقة التي نقدرها ونكبرها - أما عن الهدوء في مصر فنخبرك أنه ليس هناك أي قلق، ونحن الآن نحاول أن نمحو الآثار السيئة التي تركتها لنا الحكومة السالفة)
ويذكر مستر بلنت أن الشيخ محمد عبدة كتب إليه في ذلك الوقت مثل ما كتب عرابي يؤكد له قيام النظام والسلام في مصر يقول: (وإن الخلق العظيم الذي يمتاز به الشيخ محمد عبدة ثم هذا المركز السامي الذي يملأه الآن في مصر وهو منصب الإفتاء الشرعي، كل هذا يجعل لشهادته قيمة تاريخية لا يبلغ الإنسان مهما قال في مدحها، وهذه الشهادة يصح وضعها بجانب الكتب الزرق لإدحاض أكاذيبها المختلفة، وكان في ذلك الوقت رئيساً لتحرير الجريدة الرسمية ومديراً لقلم المراقبة الصحفية فكان مركزه هذا يجعله على علم بما