للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واليونان تنصروا بعد الوثنية، ولكن نصرانية اليونان نصرانية شعرية هي مذهب الأورثودكس، وهو مذهب جذاب براق ترف أجنحته بأرواح الشعر والخيال. وهو نفسه مذهب النصارى في مصر، لأن الوثنية المصرية لا تقل ألواناً وتهاويل عن الوثنية اليونانية

والإسلام الصحيح لم يعرفه العرب إلا في عهد الصحة والعافية، فلما ضعفوا خلعوا على إسلامهم أردية جديدة من أردية الوثنية. ولو قام باحث بتدوين الأساطير التي صيغت حول الأولياء والصالحين لأمد الأدب بثروة تفوق الثروة التي عرفها اليونان أيام الوثنية

قد يقول قائل: وما محصول هذا الاستطراد؟

وأجيب بأنه يفسر تلك الظاهرة الغريبة التي لم يقع مثلها في التاريخ: فظهور الإسلام في بلاد العرب لعهد ظهوره كانوا في عافية روحية وعقلية، ولذلك استطاع الإسلام أن ينسخ وثنية العرب إلى غير رجعة، ليحولهم إلى رجال يفكرون في عجائب الأرض قبل أن يفكروا في غرائب السماء، والأرض هي المزدرع الأصيل لطلاب السيطرة والجبروت من أصحاب العزائم الشداد

وأحمد أمين لا يفكر في هذه الحقائق لأنه رجل محترم، والرجال المحترمون يكتفون بما رضيه الناس من المنقولات والمرويات

ولكن أين نحن من جوهر هذا البحث؟

أنا أخشى أن يكون فيما عرضته من الحجج والبيانات شيء من الغموض، لأنني احترست في عرض بعض المشكلات احتراس من يمشي على الشوك لأسلم من تقول المرجفين

فما هو جوهر البحث بطريقة واضحة صريحة تؤكد صدق ما ذهبنا إليه؟

خلاصة القول أن أحمد أمين حكم بأن وثنية العرب كانت (أرضية وضيعة) وأن وثنية اليونان كانت (سماوية رفيعة)

وقد أثبتنا بالبرهان القاطع أن وثنية العرب محاها الإسلام، ولم تبق لها رسوم ولا أطلال، فالحكم لها أو عليها حكم على مجهول ونحن نتساجل بطريقه علمية لا تغني فيها الأحكام على المجهولات أي غناء

وقد تحدث الإسلام عن وثنية العرب في مواطن كثيرة من القرآن، ولكنه لم يشر إلى ما

<<  <  ج:
ص:  >  >>