تغزل الفرزدق و (غزل الفرزدق على ما فيه من جفاء اصدق ما قال من الشعر. فهو الذي يكشف عن طبع الفرزدق الجافي ونفسه الماجنة الشرهة إلى اللذة. وهو غزل شهواني غير عفيف فيه فجور ومجون، وعاطفة الفرزدق فيه خشنة. وله غزل يقص فيه حوادثه الغرامية، وقد يصف الحوار الذي يدور بين أشخاص تلك الحوادث، ولاسيما النساء؛ وقصصه الغزلي أشبه بالقصص المروي لامرئ القيس).
وقد أورد الأستاذ أمثلة كثيرة من أقوال الفرزدق تبين أسلوبه في غزله - من ذلك خمسة وعشرون بيتاً - من القصيدة التي مطلعها:
ألا من لشوق أنت بالليل ذاكره ... وإنسان عين ما يغمض عائره؟!
والختام فيما أورده (الكتاب) هو:
فيارب، إن تغفر لنا ليلة النقا ... فكل ذنوبي أنت (يا رب) غافره
ومما روى الأستاذ:
يا أخت ناجية بن سامة، إنني ... أخشى عليك بنىّ إن طلبوا دمي
لو كنت في كبد السماء لحاولت ... كفاي مطلَّعاً إليك بسلم
هل تذكرين إذ الركاب مناخة ... برحالها لرواح أهل الموسم؟
إذ نحن نخبر بالحواجب بيننا ... ما في النفوس ونحن لم نتكلم
ولقد رأيتك في المنام ضجيعتي ... ولثمت من شفتيك أطيب ملثم!
منع الحياةَ من الرجال وطيبها ... حدقٌ تقلبها النساء مراض
وكأن أفئدة الرجال إذا رأوا ... حدق النساء لنبلها أغراض!
وفي (ديوان المعاني) في (ما قيل في شعبان وشهر رمضان وشوال): فمنه قول الفرزدق وأجاد في ذلك:
إذا ما مضى عشرون يوماً تحركت ... أراجيف بالشهر الذي أنا صائمه
وطارت رقاع بالمواعيد بيننا ... لكي يلتقي مظلوم قوم وظالمه
فإن شال شوال تُشل في أكفنا ... كؤوس تعادي العقل حين تسالمه
ومعاني هذه الأبيات كلها مبتكرة لم يسبق إليها الفرزدق.
وإذا لم تكن هذه الأبيات لمن نسبت إليه فمن قائلها؟