التي اتهمت فيها مدام هانو الكاتبة الصحفية باختلاس مئات الملايين، واتهم فيها عدد من أكابر الصحفيين والكتاب بالمعاونة في التستر على مشاريعها المريبة والترويج لها في صحف كبيرة محترمة. ثم وقعت منذ ثلاثة أعوام فضيحة شركات أوسترك فكانت من أعظم الكوارث المالية التي عرفت، حيث أفلست من جرائها عدة بنوك كبيرة واختلس نحو مليار فرنك (يومئذ نحو عشرة ملايين جنيه)، وألقيت بسببها ريب خطيرة على وزيري المالية والحقانية وإدارة بنك فرنسا، وانتهت بسقوط وزارة مسيو تاردييه (أواخر سنة ١٩٣٠)، وقد كان أوسترك بطل هذه الكارثة خادما في مطعم ثم انتهى إلى صف أعظم رجال المال وأسس بنوكا وشركات عديدة قامت علت التزوير والنصب والدعوة، ونكب انهيارها مئات الألوف من أصحاب الودائع، وكان كل جزائه بعد تحقيقات طويلة معقدة أن قضى عليه بالحبس عاما واحدا!
وليست فضيحة ستافسكي التي تشغل فرنسا اليوم إلا مثلا جديدا مروعا يؤيد هذه الحقيقة. فهي كسابقاتها تقوم على اختلاس مئات الملايين، ونكبة مئات الألوف، وهي كسابقاتها تلقي كثيرا من الريب الخطيرة على الرجال المسئولين، وقد سقطت بسببها وزارة قوية تستند إلى أغلبية كبيرة في البرلمان. بيد أنه يمكن أن يقال أن هذه الفضيحة الجديدة تفوق سابقاتها في التغلغل إلى صميم النظم والحياة العامة، وفي التدليل على فسادها، وفي آثارها السياسية والاجتماعية. وقد شهدنا نتائجها الأولى في سقوط وزارة مسيو شوتان وقيام وزارة مسيو دلادييه، ولكن من الصعب أن نتنبأ الآن بما يمكن أن يتلو هذا الانقلاب الأول، خصوصا وان الفضيحة مازالت تتمخض كل يوم عن حوادث وأسرار جديدة، ومازال الرأي العام يضطرم سخطا ودهشة، ويتطلب أجراء العدالة بمنتهى القسوة واصلاح هذا الفساد الدفين بسرعة حرصا على سلامة النظم الجمهورية، وتوطيد للثقة العامة التي زلزلت أركانها.
ولنر الآن ما هي هذه الفضيحة المروعة التي تقيم شعبا بأسره ولنر من هو ستافسكي هذا الذي غدا بطلا من أعظم نكبات العصر.
أن هذه الشخصية المدهشة، شخصية - ستافسك - مازالت تبدو خلال التحقيق الذي تقوم به عدة جهات قضائية وادارية لغزا مغلقا؛ وكان مصرع ستافسكي أو انتحاره عاملا في