ألا يكفي أن تكون تلك الحسناء نقلت من الأرض إلى السماء، ومن عالم الفناء إلى عالم الخلود؟
قلت لكم إن أسرار الوثنية العربية ضاعت ضيعة أبدية بفضل الدين الحنيف، ونحن غير آسفين على ضياع تلك الأسرار ولكنا لا نستسيغ القول بأن عقلية العرب كانت أرضية وضيعة ونحن نجهل كيف كانوا يتصورون شؤون الدنيا وأحوال الوجود
والعرب قد اعتذروا عن عبادة الأصنام فقالوا:(ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) وهذه العبارة القرآنية الكريمة تشهد بأن وثنية العرب كانت تحريفاً لدين صحيح قام على أساس التوحيد.
فمن الخطل أن يقول قائل بأن عبادة الأصنام كانت عبادة أرضية على حين يشهد القرآن، بأنها كانت موصولة الأواصر بالمعاني السماوية
ويشهد القرآن أيضاً بأن وثنية العرب كانت لها أحكام متصلة بسكان السماء فقد (جعلوا الملائكة الذي هم عباد الرحمن إناثاً) ومعنى ذلك أن أوهامهم تجاوزت الأرض إلى السماء
إن العرب في جاهليتهم قد عرفوا المصريين واليونانيين والفرس والهنود، فكيف جاز أن تخلو وثنيتهم من السمو الذي عرفت به وثنيات أولئك الناس؟
كيف يكون ذلك والوثنيات ينقل بعضها عن بعض، كما تنقل بعض الديانات عن بعض؟
ثم ماذا؟
ثم يحكم الأستاذ أحمد أمين بأن العرب لم تكن لهم طبيعة فنية وأن ما كان عندهم من تماثيل فمجلوب من مصر أو من اليونان، وأن (يغوث) إله مصري اسمه (يغنوت)
ونحب أن نعرف من هم العرب في ذهن أحمد أمين
يظهر أن العرب في ذهنه هم سكان البادية العربية، وسكان البادية لا يحسنون صناعة التماثيل
والقول بأن العرب في جاهليتهم لم يكونوا إلا سكان البوادي قول أذاعه المستشرقون الذي يهمهم أن يثبتوا أن الحضارة العربية أخذت عن مصر وفارس واليونان وليس فيها أثر عربي أصيل.