أنا أفهم جيداً أن المرأة لا تهم الرجل إلا إن كانت أنثى فيها جميع خصائص الأنوثة، الخصائص التي تشعر بأنها متاع جميل، والتي تحمله على أن ينظر إليها نظر السد الهصور إلى الرشأ الربيب
ولا يمكن للمرأة أن تكون مصدر وحي وإلهام للرجل إلا إذا اشتهاها شهوة حسية، ومن قال بغير ذلك فهو رجل ضعيف لا يدرك جوهر الصلات بين الرجال والنساء
إن الأستاذ أحمد أمين يستقبح قول امرئ القيس:
وبيضةِ خدرٍ لا يرام خباؤها ... تمتعتُ من لهوبها غير مُعْجَلِ
فأين هو من الفحولة التي يهدر بها هذا البيت؟
قد يقول: وكيف يجوز للرجل الفحل أن يبكي وهو يستعطف المرأة؟
وأجيب بأن بكاء الرجل أمام معشوقته ليس علامة ضعف، وإنما هو علامة قوة، فالدمع في عين العاشق كالسم في ناب الثعبان؛ فالثعبان يخدر فريسته بالسم، والعاشق يخدر فريسته بالدمع
وهنا أستأنس بكلمة قرأتها للأستاذ المازني في جريدة السياسة سنة ١٩٣٢ وهو ينقد قول شوقي
(ما الحب إلا التضحية)
فقد عد هذه الكلمة باباً من الضعف، ومن عمى البصيرة، لأن الحب في حقيقة أمره ضرب من الأثرة والافتراس
قولوا الحق يا بني آدم، فالنفاق خلق بغيض
قولوا الحق، واعترفوا بأن المرأة لا تهم الرجل إلا بوصف أنها مخلوق جميل له عينان دعجاوان، وجبين مشرق، وجيد كجيد الريم، وقوام كالغصن الرطيب
ولعل أحمد أمين يريد امرأة فيلسوفة لها عرقوب كشهر الصوم في الطول، ولها عين كعين الغميصاء تعينه على سهر الليل إلى أن يبزغ (فجر الإسلام)
والعجيب أن تصدر هذه الأحكام عن رجل يكتب في الفلسفة من وقت إلى وقت، وقد غاب عنه أن في فلاسفة هذا العصر رجل اسمه فرويد، وهذا الفيلسوف يرجع أعمال الرجال إلى أصول شهوانية قد تسوق الناس من حيث لا يحتسبون. وما كان فرويد أول من نظر هذه