للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنجليزي في (سانت بوف) من تأثير الثقافة الفرنسية فيه؟ والذي كتبه سانت بوف عن الإنجليز وعن الأجانب كلهم ليس شيئاً يذكر بالقياس إلى ما كتبه عن الفرنسيين في كتبه الضخمة المدهشة في هذه المجلدات الستة عن بورويال وفي هذه المجلدات الثمانية عن الصور، وفي هذه المجلدات الثلاثة والعشرين التي سماها أحاديث الأثنين، وفي هذين المجلدين عن شاتوبريان وأصحابه. أين يقع ما كتبه (سانت بوف) عن الإنجليز مما كتبه عن الفرنسيين بل مما كتبه عن اليونانيين واللاتينيين؟ فالأستاذ العقاد يعلم بالطبع أن (سانت بوف) عين أستاذاً للأدب اللاتيني في الكوليج دفرانس، ولما منعه الطلاب من إلقاء دروسه عن فرجيل لأنه كان يؤيد سياسة الإمبراطورية الثانية طبع الدروس التي لم يستطع إلقاءها فكان منها كتاب قيم عن صاحب الانيادة. وقد كتب (سانت بوف) عن كثير من الشعراء اليونانيين وعن الإسكندريين منهم خاصة. فما بال الأستاذ العقاد يرى تأثر سانت بوف في نقده بالثقافة الإنجليزي ولا يرى تأثره بالثقافة اللاتينية واليونانية لأنه أحب شعراء اللاتين واليونان، وبالثقافة الإيطالية لأنه كتب عن شعراء إيطاليا في عصر النهضة، وبالثقافة الألمانية لأنه كتب عن جماعة من الألمان وعن جوت؟ أما أن أم الناقد العظيم كانت من أصل إنجليزي فالأستاذ يبالغ في نتيجته، فقد كانت أم (سانتبوف) نصف إنجليزية كما تقول دائرة المعارف البريطانية، وذلك أن أباها كان بحاراً فرنسياً وأن أمها كانت إنجليزية. فإذا كان الأستاذ العقاد يرى أن هذا يكفي ليكون (سانت بوف) مديناً بمذهبه في النقد للإنجليز فليسمح لي بألا أذهب معه في هذه الطريق لأنها طريق شديدة الالتواء. للوراثة أثرها في تكوين الفرد ولكن من الإسراف أن نذهب في تقدير هذا الأثر مذهب الأستاذ ومن الغريب أن الذين أرادوا أن يدرسوا مذهب (سانت بوف) في النقد لم يحفلوا بهذا العنصر الإنجليزي في تكوينه، فلم يلتفت (فاجيه) ولا (لنسون) إلى أم (سانت بوف) كثيراً. أما تين فرأي الأستاذ العقاد فيه عجيب، فهو يرى أني لم أوفق حين استشهدت به أيضاً لأن عمه علمه الإنجليزية في صغره ولأن تين شغف بالآداب الإنجليزية فكتب لها تاريخاً، ولكن الأستاذ العقاد نفسه تعلم الإنجليزية صغيراً وشغف بها وقرأ كثيراً من الآداب الإنجليزية. والثقافة العربية ضعيفة بالقياس إلى الثقافة الإنجليزية. ومع ذلك فأنا لا أطمئن إلى الحكم بأن الأستاذ مدين بأدبه للإنجليز. فكيف إذا عرفنا أن الثقافة الفرنسية التي نشأ

<<  <  ج:
ص:  >  >>