للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها تين ونبغ بفضلها قوية تستطيع أن تثبت للثقافة الإنجليزية، وأن تين لم ينبغ بتاريخه للآداب الإنجليزية وإنما نبغ بكتب أخرى أجل خطراً من هذا الكتاب، نبغ بكتابه عن لافونتين الذي نال به الدكتوراه من السوربون، ونبغ بكتابه الضخم الذي أرخ فيه فرنسا الحديثة، ونبغ بكتابه عن العقل، ونبغ بكتابه في فلسفة الفن. فهل يظن الأستاذ بعد هذا كله أني لم أوفق حين اتخذت سانت بوف وتين أعلى مثل للنقد اللاتيني الفرنسي؟ وما ذنبي أنا إذا كان الله قد أراد أن يكون هذان الرجلان رمزين خالدين لحياة الأدب الفرنسي في القرن الماضي؟ وقد بعدنا جداً عما كنا بسبيله من تشخيص النقد الفرنسي اللاتيني، أهو نوع من تتبع النكتة وتأنق الصالونات أم هو نقد بأدق معاني كلمة النقد؟ لن ينفع الأستاذ العقاد أن يحتاط وأن يقول أنه لم يرد النقاد الفرنسيين جميعاً، وإنما أراد كثرتهم أو قلتهم، فليس من الحق أن كثرة النقاد الفرنسيين أو قلتهم كما يظن الأستاذ. وإنما الحق الذي لا سبيل إلى الشك فيه أن السمة الفنية الخالصة هي أظهر ما يتصف به النقد الفرنسي، وأن من ظلم العلم والحق أن يقال في هذا النقد غير ذلك. وأما بعد فهل يسمح لي كتاب آخرون أرادوا أن يخوضوا معنا في هذا البحث بأن أتحدث إليهم حديثاً قصيراً ولكنه لا بد منه. فأما أحد هؤلاء الكتاب فالأستاذ سلامة موسى الذي تفضل فجلس مجلس القاضي وأصدر بين الثقافتين حكم الواثق المطمئن في أسطر ما أحسبها تتجاوز العشرة، ووجد طريقاً إلى أن يقارن هذه الأسطر القليلة بين الإنجليز والفرنسيين وبين أناطول فرانس وبرنارد شو وأن يقول أن الفرنسيين قادوا العالم في القرن الثامن عشر وإن الإنجليز يقودون العالم الآن. أظن أن الأستاذ سلامة موسى يوافقني على أن هذه المسألة أعسر وأعظم خطراً من أن يقضي فيها بجرة قلم وبهذا الإيجاز الذي لا يمكن أن يوصف بأقل من أنه يدعو إلى الابتسام.

وأما الكاتب الآخر فهو الأستاذ محمد علي غريب، فقد كتب الأستاذ في البلاغ فصلاً أشهد أنه أضحكني وأضحكني ضحكاً فيه إعجاب كثير. فهو يسخر من العقاد ومني لأنا نتناقش في مسألة كهذه لا تصلح موضوعاً للمناقشة ولا تنتهي المناقشة فيها إلى نتيجة عملية. وله كل الحق في أن ينكر هذه المناقشة لولا أنه يخطئ حين يطلب إلى كل بحث أو مناقشة أن تكون له نتيجة عملية. قد تكون المناقشة خيراً في نفسها وقد يكون من القصور أو التقصير

<<  <  ج:
ص:  >  >>