للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض. أو ليست أساس جميع العلوم - العلوم الحقيقية اليقينية - القاعدة المنطقية البديهية القائلة بأن نفس الأسباب تنتج حتماً نفس النتائج: , , وبالجملة فإن أحوال الظواهر الطبيعية لا تدل على تدخل عوامل أخرى في سيرها، وإلا لظهر تغير من وقت إلى آخر في نظام النواميس التي يديرها، فتسير الأرض اليوم مثلاً بسرعة كذا في اتجاه معين، وتسير غداً بسرعة أخرى في اتجاه آخر، ويتصرف الراديوم تارة على وجه معين طبقاً لنواميس محدودة، وطوراً نراه يتبع طريقاً آخر ويجري على قواعد أخرى

وأظن أن الدكتور يذكر أكثر مني ما حدث لأحد العلماء الرياضيين الفلكيين - ولعله اسحق نيوتن - من أنه افترض نفس العامل الذي نحن بصدده لتصحيح ظاهرة فلكية تحدث في فترات بعيدة، تخالف ما تدل عليه الحسابات وتعجز عن تفسيرها النواميس المعروفة في ذلك الحين أو التي اكتشفها هو. ولم تلبث الأبحاث والاكتشافات التي جاءت بعد ذلك أن نفت ذلك الفرض وفسرت تلك الظاهرة التفسير العلمي الصحيح. فهذه سابقة لمحاولة فاشلة من هذا القبيل يجب أن تجعلنا على حذر من تعليل الظواهر الطبيعية بمثل ذلك العامل. وإن العلم حافل بمثل هذه السابقة، بل إن تاريخ العلم إنما هو تاريخ انتصاراته على تلك النزعة القديمة

وبالجملة فإن العلم يجب أن يكون محصوراً في تفسير ظواهر الطبيعة بالنواميس الطبيعية التي تقع تحت المشاهدة والاختبار، والتي يمكن قياسها أو قياس بعض نواحيها.

أما لماذا تجري النواميس الطبيعية هكذا، ولماذا هي تدير ظواهر الطبيعة على هذا النحو، وما الغرض من ذلك كله، فهذا لغز آخر من ألغاز الكون؛ بل إنه اللغز الأول وهو ما سماه هربرت سبنسر ' أي ما لا يمكن معرفته. ويتصل بهذا الموضوع ويتفرع منه المسألة التي نحن بصددها الخاصة بنهاية الكون طبقاً لآراء بولتزمان وقواعد علوم الميكانيكا والطبيعة أو علم الطاقة الجديد العام الشامل ' الذي يتوقع العلماء أن يندمج فيه عاجلاً أو آجلاً جميع العلوم الأخرى الطبيعية والبيولوجية

لي رأي خاص في هذا الموضوع عنَّ لي أثناء دراستي للعلوم البيولوجية، وهو أن عجزنا الحالي عن إدراك أمثال هذه (الألغاز) التي تشمل أيضاً الأمور الأخرى المستعصية الآن على العلم مثل الوراثة وأسبابها وكيفية حدوثها في الحيوانات والنباتات، ومثل الشعور في

<<  <  ج:
ص:  >  >>