الفرقة القومية ما ستأتي به لهم هذه الفرقة الجديدة من جديد - والناس عادة لا يرحبون بالقديم لعرفانهم به ولمللهم إياه. ثم إنهم كانوا قليلي الثقة بغير جورج أبيض وعبد الرحمن رشدي!
وقد كان هذه الفكرة التي تخامر أذهان الجماهير، والتي تحدث بها بعض النقاد والكتاب عند تكوين فرقة رمسيس من الدوافع الهامة التي حدت بيوسف لأن يعمل على هدمها نظرياً وعملياً، وتقويضها من أساسها بطرقه المعروفة - وسنفصل ذلك فيما بعد - على أن هذه المجهودات الهدامة كانت من العوامل التي أثرت تأثيراً عكسياً في النهضة المسرحية في مصر، وأساءت إلى يوسف وفرقته إساءة عظيمة، وأفقدته عطف الجماهير وتقديرها
أما يوسف من جانبه فإنه كان راغباً في عدم التحكك بمجد الآخرين، كان يريد أن يبتني المجد لنفسه وبنفسه، وكان يريد أن يظهر في ثوب جديد خلاب، حتى لا يجد الجمهور وجهاً للمقارنة بينه وبين الآخرين فيه. ومن ثم فقد أعلن أنه تلميذ (كيانتوني) الإيطالي، ووضع في برنامجه روايات جديدة لم يعرفها الجمهور من قبل، ولم يسمع بها، ولو أنه كان في أعماقه يحلم بأوديب وعطيل ولويس، وكل الروايات التي اشتهر بها غيره من الأبطال ونالوا بها المجد. وكان يعتقد في نفسه القديرة، أو يرى في نفسه أنه مستطيع التأثير في الجمهور بطريقته الخاصة. فينتزع الإعجاب منه وينتزع راية المجد من الآخرين، وقد أخرج فعلاً فيما تلا من سنين بعض الروايات القديمة المعروفة، كما قام بمشهد صغير من عطيل ضمن مشاهد إحدى الروايات العصرية، لكنه لم يظهر في عطيل نفسها أو أوديب أو سواها من الروايات الضخمة التي أصبحت ملكاً لجورج ابيض طوال عمره!
وفي الساعة الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين من مساء اليوم العاشر من شهر مارس عام ١٩٢٣ رفع الستار في مسرح رمسيس عن رواية المجنون التي قيل يومئذ إنها من تأليف يوسف وهبي.
(للكلام بقية)
اختيار الروايات في الفرقة القومية
يخطئ من سيظن أن الفرقة القومية أو أصحاب الشأن فيها يعرفون السبب الحقيقي الذي