للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ورأى فرسنيه أن تحاط روسيا والنمسا وألمانيا وإيطاليا بما تتخذه إنجلترا وفرنسا حيال المسألة المصرية على أن تكون تعليمات تلك الدول إلى سفرائها في الآستانة عين تعليمات الدولتين

أما عن مركز الخديو فقد رجعت فرنسا عن رأيها في خلعه ذلك الرأي الذي كانت تراه لو اتبع قبل ذلك يقضي على كثير من الصعاب

وكان فرسنيه يريد من المظاهرة البحرية أن يلقي الرعب في قلوب الوزراء ليقلعوا عن مقاومة الخديو فتنتهي الأزمة التي كانت قائمة بينه وبينهم، ولقد وافق جرانقل على مقترحات فرسنيه في جملتها ورأى أن يبلغ الباب العالي مع الاحتياط في القول أنه قد تعرض عليه في المستقبل مقترحات أخرى، ولكن فرسنيه لم ير هذا الرأي لأنه كان يرغب عن التقرب من تركيا ولذلك رفضه بادئ الأمر ولكنه عاد فقبله بعد إلحاف جرانفل عليه وكتب إلى سفيره بالآستانة أن يبلغ السلطان أنه (ليس من المستبعد أن تقدم اقتراحات أخرى إلى تركيا فيما بعد)

وأراد جرانفل أن يبعد عن نفسه وعن حكومته تهمة الرغبة في التدخل في شؤون مصر فاقترح أن تدعى الدول الأوربية إلى إرسال سفن إلى الإسكندرية تقف إلى جانب السفن الإنجليزية الفرنسية؛ وما كان جرانفل جاداً فيما يقول فإنه كان على يقين أنه سيقابل من فرنسا بالرفض ولو كانت لديه شبهة أن ستقبله فرنسا لما تقدم به، بل لو كان هذا الاقتراح من جانب فرنسا لعارضت فيه إنجلترا أشد المعرضة؛ ولو أن إنجلترا كنت جادة في مقترحها هذا لبذلت قصارى جهدها لتحمل فرنسا على قبوله ولكنها اكتفت أن تبلغ فرسنيه على لسان وزيرها أنها تأسف ألا تقرها فرنسا على وجهة نظرها وأنها تعد من الخطأ عدم دعوة الدول إلى الاشتراك في تلك المظاهرة، ولكن بما أن فرنسا قد ذهبت في الموافقة على السياسة البريطانية إلى مثل هذا الحد فإن إنجلترا لا يسعها إلا أن توافق فرنسا على ما ترى

وآمن فرسنيه بنزاهة السياسة الإنجليزية، ولو كان غير فرسنيه في موضعه لآمن بها كما آمن هذا، فلم يكن يدور بخلد أحد يومئذ أن إنجلترا كانت تترقب الفرص لتنقض على الفريسة دون فرنسا ولا كان في عملها ما يستراب منه؛ ولكن الإنجليز في هذا العالم خير

<<  <  ج:
ص:  >  >>