البطولة، والشجاعة، والكرم والسماحة، والمروءة، والعزة، واحترام الكبير صاحب التجارب مهما هرم وضعف، واحترام الصغير الضعيف، واحترام المرأة العاجزة، إلى غير ذلك من أخلاق الفتوة والفروسية.
ومن أبرز ما تخلقه الطبيعة في نفوس هؤلاء المحاربين: شدة الإيمان بالقضاء والقدر، وبإسراع هذه الحياة إلى الذهاب، وبهوان شأن هذه الحياة نفسها؛ فيخلق هذه في فنونهم إلى جانب عنفها الأصيل، روحاً من المرح والمجون والاستخفاف الذي يشبه الطيش أحياناً، تشجيعاً لهم على الحرب، وتعزية لهم بين الحرب والحرب.
ويظهر هذا في الشعر، كما يظهر في الغناء، وكما يظهر في الرقص
أما الشعر، فتكاد لا تخلو قصيدة جاهلية مما يدل على طبيعة العرب الأولى من ذكر النساء والخمر، والعبث. . . فوق أساسها القائم على الفخر وتعداد المآثر، ودلائل البطولة، وأيام النصر
وأما الغناء فلم تجد به الطبيعة على العرب إلا لينفس به أفراد عن خوالج ذواتهم. وذلك أن الطبيعة في بلاد العرب تكاد تكون بكماء لا تعلم الآذان إلا حسن الإصغاء إلى الصمت، وذلك على خلاف أوطان القوقاز التي تشارف البحور من بعض أطرافها، وللبحور أصوات، والتي تنطوي على الجنات الصغار في بعض أنحائها، وفي هذه الجنات مياه وأطيار وأشجار ودواب، ولكل هذه أصوات، والتي قد تهب فيها على هذه الجنات نسائم، وقد تهب رياح، وللنسائم همسات، وللزوابع صرخات؛ وقد تعلم القوقاز من شدو الطبيعة هذا غناء أوفر مما تعلمه العرب، فكان لغنائهم ألوان للأفراد، وألوان للجماعات، وألوان أخرى لشتى المباهج والأحزان، وألوان طاوعتهم في التعبير عن أنفسهم وما في أنفسهم من الحماسة والفخر والبطولة. . . وإلى جانب هذا، فإن في غناء القوقاز ما يقوم دليلاً على حبهم للنساء والخمر والعبث
وأما الرقص ففيه هذا كله أيضاً. . . فهو رقص بالخناجر والسيوف. وهو ليس إلا تمثيلاً للحرب، فيه من عنفها وحدتها كل عنفها وحدتها، لا يخففها شيء إلا ما يذكره المحاربون دائماً وهم في (أوقات الفراغ) من جمال النساء، وحلاوة الخمر، وبهجة العبث.
فالراقص العربي والراقص القوقازي يكران ويفران، ويضربان ويطعنان، ولكنهما مع هذا