منذ أجيال طويلة، كان أبناء الفناء لا يزالون حديثي العهد بسكنى الأرض، ولم يكن أحد منهم ليعرف سر صناعة النار، ولم يكن يعرف ذلك السر إلا آلهة العالم السفلي.
وكانوا يتولون حراستها دائبين خشية أن يعلم الإنسان ذلك السر، فيصبح من الحكمة في مستواهم. وقد كان موطن النار في العالم السفلي كما يعرف ذلك كل من رأى دخانها المتصاعد من فوهات البراكين. ولكن كان من الصعب تعرف الطريق إلى ذلك العالم، لأن الرقباء كان كثيراً عددهم على أبوابها.
وحدث مرة أن أقام بين الفانين في العالم العلوي شاب اسمه ماوي؛ ومع أنه فان كسائر من على ظهر الأرض، فإن أبويه كانا يعيشان في العالم السفلي بين آلهته، وكانوا يترددون إلى الأرض للقيام بمهام الآلهة.
وكانت أم ماوي واسمها (بوراتاتنجا) إذا أتت لزيارته أبت أن تؤاكله، وكانت في ذهابها ومجيئها تحمل سلة أتت بها من العالم السفلي، وهي تتناول الطعام على انفراد مما في تلك السلة. وفي أثناء نومها يوماً نظر ماوي إلى ما في السلة، وأخذ منها طعاماً، فذاقه، فوجده أفضل من كل ما ذاقه إلى الآن. ومع أنه كان من نوع سائر الطعام، فإن به شيئاً يجعله أفضل منه.
وعلم ماوي شيئاً عن النار وعرف أن الآلهة يطبخون الطعام على النار التي يصنعونها، فأصر على أن يملك النار ما دامت تجعل الطعام من الجودة كما رآه. وأصر على مراقبة أمه سراً عند عودتها، وعلى أن يخاطر بالذهاب إلى العالم السفلي ليحظى بهذه الهبة الغالية
واقتفى ماوي أثر أمه وأفلت من الحراس عند الأبواب الأولى؛ أما عند بعض الأبواب الداخلية فقد كان عليه أن ينتظر طويلاً حتى يتبدل الحراس ليتمكن من الدخول أثناء اشتغالهم بالكلام
لكنه وصل بعد مخاطرات كثيرة إلى منزل أمه وقال لها: إنه غير راغب في العودة إلى العالم الأرضي حتى يعلم سر صناعة النار
قالت الأم:(ولكنني لا أعلم هذا السر ولا يعلمه أحد غير إله النار وهو لا يفشيه. ومتى احتجت إلى نار جديدة فإني أذهب إلى أبيك (بو) وهو يذهب إلى إله النار ويطلب إليه منحه جزءاً من الخشب المحترق