للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أبو الوفاء)

حول معنى بيت

ذكر الأستاذ أحمد عبد الرحمن عيسى في العدد (٣٢٢) من مجلة (الرسالة) الغراء أن هذا البيت المنسوب إلى معاوية في قصة سعد وسعاد:

قد كنت تشبه صوفياً له كتب ... من الفرائض أو آيات قرآن

لا يحتمل ما فهمته فيه من حمل كلمة - كتب - على ظاهرها، وإنما هي جمع كتاب بمعنى مكتوب، والمكتوب هو المفروض، فيكون المعنى له مفروضات من الفرائض، وإذا كان هذا هو معنى البيت فإنه لا يكون فيه دلالة على أن قصة سعد وسعاد موضوعة

وإني أرى أن هذا المعنى الذي ذكره الأستاذ يزيد في ضعف هذا البيت وسخافته ويجعله متهافت اللفظ والمعنى، وتهافته اللفظي ظاهر لا خفاء فيه؛ وأما تهافته المعنوي فلأن الصوفي لا يمتاز عن غيره بمفروضات مكتوبة يقوم بها، لأن المكتوبات واجبة على سائر الناس، وإنما يمتاز الصوفي بالخلوة ومداومة العبادة وغير ذلك مما اخترعه المتصوفة. وقد فهم الأستاذ أحمد عيسى الفرائض في البيت على ظاهرها فخفي عليه المعنى الذي فهمته فيه، مع أن الفرائض هي الأوراد ونحوها مما يفرضه الصوفي على نفسه، وهو إطلاق سائغ لا شيء فيه، ومعنى البيت عليه: له كتب من كتب الأوراد ونحوها

وأرى أيضاً أن البيت يدل على أن القصة موضوعة ولو حمل على المعنى الذي ذكره الأستاذ أحمد عيسى، لأن نظام التصوف الذي يشير إليه لم يكن حدث في ذلك العصر، وقد بنيت وضع القصة على هذا، كما بنيته على أنه لم يكن في ذلك العصر كتب تصوف، وكل منهما كاف في الدلالة على وضعها، وكذلك سخافة البيت وتفاهته، وما كان للأستاذ أحمد عيسى أن يهتم بعد هذا به.

عبد المتعال الصعيدي

<<  <  ج:
ص:  >  >>