للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وإذا قيل إنه من الميسور أن تقوم الخلافة بين الأمم الإسلامية المستقلة، وأن مصر أولى هذه الأمم بتلك الإمامة لأنها قلب العالم الإسلامي؛ إذا قيل هذا، فيجب ألا ينسى أن هناك من يعارض في الخلافة، ولا يعترف بها كتركيا والمغرب الأقصى وغيرهما، وما من فائدة في قيام نظام لا يعترف به الجميع)

أريد أن أسأل حضرة الكاتب عمن أخبره بأن المغرب يعترض على فكرة الخلافة.

فإذا كان هذا الفهم وصله عن طريق الصحف الاستعمارية، أو عن تصريحات الرجال الرسميين، وهو لن يصله إلا عن هذين الطريقين، فأريد أن أقول لسعادته: إن القول في مثل هذا الأمر ليس هو من حق هؤلاء ولا من أولئك. القول الفيصل في هذا إنما هو لإرادة الشعب المغربي؛ والشعب المغربي لن يعارض مطلقاً في كل فكرة يستمد منها الإسلام والعرب القوة والمجد، كفكرة الخلافة الإسلامية، أو الوحدة العربية.

وإذا كانت وضعية المغرب لا تسمح له في الوقت الحاضر أن يساهم في مثل هذه الأعمال الكبيرة، فهو يرجو أن تتحقق لأنه يعلم أن مثل هذه المشروعات العظمى ستعود عليه وعلى باقي الأقطار العربية التي تحت الاستعمار بأكبر المنافع، وسترفع عن كاهله كثيراً من القيود والسدود

على أن موضوع كلام الكاتب إنما كان في الأمم المستقلة، والغرب ليس كذلك، فهل نسي سعادته أن المغرب تحت حماية فرنسا؟ وما وجه قران المغرب بتركيا؟ إن المغرب يختلف تمام الاختلاف من حيث الأوضاع والنظم عن تركيا. والمغرب يمسك على دينه بأيد من حديد، ويريد اقتضاء قواعد الإسلام حذواً بحذو، كما سنها الرسول، وكما نزل بها القرآن

وأعود فأقول: إن الحركة القومية بالمغرب التي يترأسها الزعيم الأكبر محمد بن الحسن الوزاني - أطلق الله سراحه - كانت صرحت في جريدتها (الدفاع) أن من الأسس التي ترتكز عليها (القومية المغربية) (الامتثال لواجب الرابطة العربية، والجامعة الإسلامية)، وهي ما كانت لتقول مثل هذه الكلمة لو لم تكن شاعرة بما يختلج في ضمائر الشعب المغربي من حب الوحدة الإسلامية، والتضحية بكل غال في سبيلها

وهل كتب علينا الشقاء إلا يوم كتب على الخلافة الإسلامية بالعدم!

(فاس)

<<  <  ج:
ص:  >  >>