للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان قد قتل في أرض نمسوية وبأيدي رعايا نمسويين. ولم يظهر أي دليل على وجود أية صلة بين الصرب وهذه الجريمة؛ ولكن الكونت برختلود رئيس وزارة النمسا كان غبياً قصير النظر، وكان همه أن يسحق الصرب، وقد حذره تيزا رئيس وزارة المجر وحذر الإمبراطور أيضاً ولكن الإمبراطور كان متهدماً وكان زمامه في يد وزيره الأعمى، فكانت الحرب التي ألوت بالنمسا وأذلت ألمانيا

واليوم يقلد هتلر هذا السلف الصالح فيتجنى على بولندة ويزعمها تهدده لأنها لا تذعن لمشيئته ولا تهدي إليه دانتزيج والممر البولندي والأرض التي فيها من الألمان نفر قليل أو كثير. والفرنسيون يقولون في بعض أمثالهم: (إن هذا الحيوان خطر لأنه يدافع عن نفسه حين يهاجم) وكذلك يقول هتلر عن بولندة فذنبها أنها لا تريد أن تخنق

وقد رسم هتلر خطته ببراعة فأعد في الغرب خط سيجفريد ليحول دون زحف فرنسا على ألمانيا من الغرب وليتسنى له أن يضع في هذا الخط أقل عدد يكفي للدفاع عنه، ثم يرمي بمعظم قوته على الشرق فيكتسحه في أوجز وقت، ويروع العالم بسرعة القضاء على الأمم في أيام معدودات، وبعد أن يفعل ذلك ويترك دول البلقان مرتعدة الفرائص ويفتح لنفسه الطريق إلى كل سوق ويكفل لبلاده كل ما عسى أن تحتاج إليه من أقوات وبترول وخامات وغير ذلك، وبهذا يحبط الحصر الذي عسى أن تضربه بريطانيا بحراً عليه - يرتد إلى الخط سيجفريد بقواته الأخرى ويقول لفرنسا وبريطانيا: الآن نستطيع أن نظل نقتتل نصف قرن إذا شئتما، أفلا ترون أن الصلح خير وأن التسليم بالأمر الواقع أجدى من هذه الحرب العقيمة. . .

وكذلك كان القيصر غليوم يعتمد على النصر (البرقي) أو (الخاطف) وكان همه يوم شن الغارة أن يحمل جيشه على جناحي نعامة ويطير به إلى باريس ويستولي عليها فإذا الحرب قد انتهت. . . واليوم يقلد هتلر سلفه ويزيد عليه الهجوم بغير إنذار وعلى يحن غرة وفي مأموله أن يقضي على بولندة ويمحو وجودها قبل أن تستطيع أن تجمع جيشها كله وتقذف به إلى ميادين القتال. فالنصر (البرقي) هو الذي عليه معول هتلر الآن كما كان عليه معول القيصر غليوم، وكما أخطأ حساب القيصر يخطئ الآن حساب خلفه هتلر، فإن بولندة تأبى أن تزول فيما (بين غمضة عين وانتباهتها) ولا عبرة بالاستيلاء على بلد هنا وبلد هناك

<<  <  ج:
ص:  >  >>