للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويقول:

وأحسن بالرفع رفع الحدي ... ث وإظهاره للجوى المضمر

فهو في كل هذه الأبيات يشير إلى قواعد النحو من عطف وبدل وتوكيد وخفض ورفع وحروف جر وإظهار وإضمار، وهي كلها اصطلاحات نحوية تلوكها ألسنة النحاة، كما كان في البيت الاخير يحدثنا عن رفع الحديث الذي هو من مصطلحات المحدثين كما قال:

لوارث الحمد يرويه ويسنده ... إلى مناسب أجداد وآباء

إذ هو يشير إلى الرواية والإسناد اللذين يجريان على ألسنة المحدثين. ويقول:

حيث الدماء عقار يستحث على ... ما شئت من رمل للخيل أو هزج

ففي رمل وهزج تورية ببحري الرمل والهزج اللذين يعرفهما علم العروض ويقول:

وأراك تريف الجمال بوجهه ... فانظر إلى ألف العذراء ولامه

تلك هي العلوم التي نستطيع استنباط أنه درسها من شعره، واذا شئت أن تجملها قلت إنه درس الدين وعلومه واللغة العربية وعلومها كما أنه قد أخذ بحظ كبير من دراسة أدب الشعراء الغابرين وحفظ الكثير من أقوالهم، يدلنا على ذلك معارضته لهم في أشعارهم وقصائدهم واقتباسه الكثير من أفكارهم وتعبيراتهم، وإن شعر شاعرنا ليدلنا حقيقة على اطلاع واسع وثقافة متغذية بأشعار السابقين له: جاهليين وإسلاميين، وسوف نتحدث بعد عن اقتباسه ومعارضته حينما نحدثك عن شعره. قلنا انه صحب الحافظ السلفي، ونقول، ان التاريخ لم يحفظ من أسماء أساتذته إلا هذا الاسم، وقليا ان العلاقة التي كانت بينهما متينة العرى وثيقة الصلة تلمسها في شعره، وتقرؤها في المدح الذي يفيض قداسة وحبا، كما تلمس فيه بلك الدرجة العظيمة التي وصل اليها السلفي، وتلك المنزلة السامية التي كان يضعه فيها أهل عصره، وحسبك أن تسمع قوله فيه:

نجم علا نوره فكاد بأن ... تقبض بالضوء عين من جحده

سائل به من رمته هيبته ... فمات من خوفه، وما عمده

ألم تزره كواكب ضمنت ... رجم شياطين كيده المرده

وأصبح العاضد الإمام به ... في دولة بالسعود معتضده

وابتسم الثغر عن مفضله ... بما ارتضى الله جده ودده

<<  <  ج:
ص:  >  >>