للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خر له الناس ساجدين فلو ... شئت عددت النجوم في السجده

وشعره فيه كثير جدا يوجد في ديوانه، وكان السلفي كثيرا ما يثني عليه، ويقدره حق قدره.

- ٣ -

عاش ابن قلاقس طوال حياته في عهد الدولة الفاطمية، تلك الدولة التي جعلت مصر سيدة لإمبراطورية ضخمة تمتد من المحيط الأطلسي إلى نهر الفرات، غير أن شاعرنا كان في آخر عهودها، وبعبارة أخرى كان في عهد ضعفها وانحلال قواها، إذ لم يكن الأمر والسلطان فيها للخليفة: يصرف الأمور ويدبر الشئون؛ ولكنهما كانا في أيدي الوزراء يفعلون ما يفعلون، ويدعون ما يدعون، ويولون الخلافة من يشاءون، فقام التنافس على الوزارة. كل يرجوها لنفسه ويصرف في سبيل نيلها ما شئت من مال وجند، مما كان مدعاة لأن توجه مصر قواها إلى نصر بعض بنيها على بعض لا إلى عدو آخر مغير، ولهذا كان تاريخ الدولة الفاطمية في آخر عهدها تاريخا للنزاع الذي كان قائما حينذاك بين الوزراء، ولعل ضعف سلطة الخليفة في أكثر المدة التي عاشها ابن قلاقس هي التي لم تدعه إلى السعي للاتصال به، بل هو لم يتصل بأحد من رجال السياسة المصرية المبرزين إلا بشاور الذي تغلب على خصمه رزيك وانتزع منه الوزارة، ولا زال الغالب يجد النصير ويجد المادح؛ لهذا تسمع ابن قلاقس يقول له:

يا آل شاور أنتمو دون الورى ... للملك كالأرواح في أشباحه

والى معاليكم إشارة خرسه ... والى أياديكم ثناء فصاحه

ويقول حينما انتصر على بني رزيك:

بك الاسلام قد لبس الشبابا ... وكان سناه قد ولى فآبا

وهز الملك عطفيه بملك ... تقلد فهمه، وكفى، ونابا

وقد لبست به الدنيا حلاها ... جلاها حسنها خودا كعابا

وقالوا: أطول الاملاك باعا ... فقلت: نعم، وأنداهم جنابا

سلوا عنه بني رزيك لما ... أفاد الحرب منهم والحرابا

فان جعلوا الظلام لهم مطيا ... فكم جعل النجوم لهم ركابا

ليهن الملك أن أمسى مصوناً ... عشية راح غيرهم مصابا

<<  <  ج:
ص:  >  >>