وماذا يقول فلان وفلان وفلان إذا حدثتهم بأن اللهجات المحلية في البلاد العربية أصبحت تقترب من اللغة الفصيحة بسرعة عجيبة لم تكن تخطر في البال بسبب انتشار الصحافة والتأليف؟
إن العوام في جميع البلاد العربية يقرءون الجرائد والمجلات ويفهمون مغازيها ومراميها بلا صعوبة، وشاهد ذلك يعرفه أصحاب المجلات المصرية الذين يشهدون بأن قراءهم في خارج مصر يعدون بالألوف
فهل يمر ذلك بلا تأثير في تطور اللهجات المحلية؟
شرقّوا قليلاً أيها المصريون لتدركوا فضل اللغة الفصيحة في نشر معارفكم بأقطار الشرق، ولتروا كيف يعتز الرجل المصري حين يرى له إخواناً يفهمون عنه في أقطار تفصلها عنه البحار والصحارى والجبال
أنتم لا تعرفون قيمة الحرص على وحدة اللغة العربية، ولا تدركون قيمة النعمة التي خصكم بها الله حين جعلكم حَفَظَة التراث العربي، ولو عرفتم ذلك لأفضيتم حلل الثناء على من ينشدون أخوتكم من أهل الشرق، ويذكَرونكم في كل يوم بأنهم إخوانكم الأقربون وإن بعدت الدار، وشطَّ المزار
إن الأديب الذي طويت اسمه حفظاً لسمعته ينسى أن المزية الصحيحة التي رفعته مكاناً عليَّاً بين زملائه هي قدرته على مخاطبة الجماهير بلغة مصونة من اللحن والتحريف، فإن أصر على معاداة اللغة الفصيحة فليجرب حظه بطريقة عملية، ثم لينظر كيف تميد الأرض تحت قدميه
أما بعد فهل ينتهي صديقنا الأستاذ أحمد أمين؟
هل يدرك أن شبان اليوم يعانون أزمة خطيرة بسبب الدسائس التي يصوبها المستمرون والمبشرون إلى صدر اللغة العربية، وإن واجب الأساتذة بكلية الآداب هو حماية أولئك الشبان من تلك السموم الفواتك؟ هل يعرف أن فرنسا على عظمة إيمانها بسيطرة لغتها الفصيحة سيطرة قاهرة تحسب ألف حساب بخطر اللهجات المحلية وتتخوف من انتقاض (البروفانس) وإنها لذلك أعلنت غضبتها الأدبية على الشاعر ميسترال؟
من حق السيد فلان أن يتحذلق كيف شاء فيدّعي أن الأدب العربي لا يستحق الدرس في