للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الروسي الاقتصادي في برلين في التاسع عشر من أغسطس هذا العام، ثم إلى توقيع ميثاق عدم الاعتداء الذي نحن بصدده

ولما تم التفاهم والاتفاق بين الدولتين ولم يبق عليهما غير توقيع الوثائق، أعلن النبأ في برلين في ٢٢ أغسطس. وفي صباح اليوم التالي سافر الهر فون ريبنتروب، وزير خارجية ألمانيا إلى موسكو بطريق الجو يصحبه اثنان وثلاثون من كبار الموظفين في وزارة الخارجية الألمانية. وعلى أثر وصوله العاصمة السوفيتية بساعتين اجتمع بالرفيق مولوتوف رئيس وزارة الروسيا ووزير خارجيتها. وفي مساء اليوم نفسه وقع الوزيران ميثاق عدم الاعتداء بين الدولتين، وكان التوقيع بحضور الرفيق ستالين رئيس الدولة السوفييتية. وفي ظهر ٢٤ أغسطس عاد الهر ريبنتروب إلى العاصمة الألمانية.

لم يكن ميثاق موسكو قليل الأهمية، كمواثيق عدم الاعتداء التي اعتادت بعض الدول إبرامها بسهولة والتخلص منها في أي وقت أرادت، كما أنه لم يكن تجديداً لميثاق (رابالو) الذي عقد عام ١٩٢٢ وتجدد عام ١٩٢٨ وعام ١٩٢٣. بل كان ميثاقاً أقرب إلى معاهدة حربية منه إلى ميثاق عدم اعتداء. فبهذا الميثاق ضمنت كل من ألمانيا وروسيا عدم اعتداء إحداهما على الأخرى منفردة أو مشتركة، كما أن ألمانيا أزالت عنها خطر اشتراك الروسيا في أي حركة ترمي إلى تطويقها مباشرة أو بصورة غير مباشرة. وبذلك أزالت ألمانيا مفعول المعاهدة الفرنسية الروسية لعام ١٩٣٥، تلك المعاهدة التي أثارت ثائر هتلر، ودفعت به إلى عمل ما في وسعه لحمل فرنسا على إلغائها، فلم يوفق حينذاك. وقد تمكنت ألمانيا في هذا الميثاق أيضاً من منع كل مساعدة روسية للدولة التي يكون معها الريح مشتبكاً في حرب، وخصت نفسها بالمساعدة الروسية الواسعة في الحرب وفي السلم. وفي الوقت نفسه هدمت السوفيت جبهة مقاومة الشيوعية، وباعدت ما بين ألمانيا واليابان

ومما هو جدير بالذكر أن الروسيا لم تضمن ميثاق موسكو المادة التي كانت حريصة عليها في المواثيق السابقة، والتي تخولها حق نقض الميثاق عند اعتداء المتعاقد معها على دولة ثالثة

ومن الأكيد أن مباحثات الهر ريبنتروب مع الرفيق مولوتوف لم تكن قاصرة على مضمون ميثاق عدم الاعتداء بل تعدتها إلى تحديد وضعية كل من الدولتين في أوربا وآسيا. وتقول

<<  <  ج:
ص:  >  >>