الدوائر السياسية في بعض العواصم إن الدولتين اقتسمتا بولندا، وتعهدت ألمانيا بالتنازل عن مطامعها في التوسع في أكرانيا، كما أن الروسيا تعهدت بالضغط على رومانيا وعلى تركيا لحملهما على الوقوف موقف الحياد حين نشوب الحرب
فميثاق موسكو لم يكن بعامل جديد على توطيد السلام، بل كان عاملاً مشجعاً للهر هتلر على المغامرة في إشعال نيران الحرب، باعتدائه العسكري على بولندا تلك البلاد التي كانت صديقته بالأمس والتي عقدت معه ميثاق عدم الاعتداء لمدة عشر سنوات
إن التقرب بين برلين وموسكو من الأحداث الدولية الخطيرة ولهذا الحادث أسباب هي في برلين تختلف عنها في موسكو. أما العوامل التي دعت الروس إلى قبول فكرة التقرب من ألمانيا فقد ذر قرنها منذ عقد مؤتمر مونيخ في ٣٠ سبتمبر عام ١٩٣٨
أصرت ألمانيا في أزمة سبتمبر من العام الفائت على إبعاد السوفييت من المجتمع السياسي الأوربي، ورفضت حينئذ الجلوس مع ممثليها رفضاً باتاً، وآثرت فشل المفاوضات وتعقيد حلها على أن تشترك في مؤتمر تكون السوفييت أحد أعضائه ولما رأت بريطانيا وفرنسا أن الهر هتلر جاد في ذلك، وأن إصرارهما على وجوب اشتراك السوفيت في مؤتمر مونيخ قد يؤدي إلى الحرب، رضيتا بالنزول على إرادة دكتاتور ألمانيا، وقبلتا ما طلبه حفظاً للسلام.
رأت الروسيا في تصرف دول مونيخ ضربة لنفوذها السياسي في أوربا، وسبباً في عزلتها، فعز ذلك عليها وأخذت تنتهز الفرص للتعويض عما أضاعه عليها مؤتمر مونيخ من نفوذ وأعوان.
لم يحافظ الهر هتلر على اتفاق مونيخ الذي ما تم إلا لإرضائه، ولم يعمل بتصريحاته الرسمية العديدة القائلة بأن ليس له مطالب إقليمية في أوربا بعد السوديت، بل برهن على أن لا قيمة لتوقيعاته ولا أقواله بضمه بلاد التشك والسلوفاك وميمل إلى الريخ.
عندئذ أيقنت بريطانيا وفرنسا بأن لا فائدة ترجى من سياسة تهدئة الخواطر، إذ أن زعيم ألمانيا يعتبر النيات السليمة والإنسانية ضعفاً، ويتخذ من حسن النية عاملاً مشجعاً على الاعتداء على الدول المجاورة للوصول إلى هدفه في السيادة على أوربا أولاً وعلى العالم أخيراً. أمام هذه النفسية الألمانية التي لا تعرف حداً لمطامعها عزمت بريطانيا وفرنسا على