إيقاف العدوان، فأمنتا سلامة بولندا ورومانيا ضد الاعتداء. وكان هذا التأمين واسع المدى حتى أنه ترك لبولندا الحكم فيما إذا كان استقلالها ومصالحها الحيوية في خطر. وعملتا على لإيجاد (جبهة سلام) قوية لا يستطيع العدوان أن يجد أمامها متسعاً. وكانت الغاية من هذه الجبهة المحافظة على السلام والتوكيد لهتلر أن بريطانيا وحليفاتها عازمات على إيقاف اعتداءاته عزماً صحيحاً لا محيد عنه.
ومن الطبيعي أن تفكر بريطانيا وفرنسا في ضم روسيا إلى (جبهة السلام) إذ أن الروسيا حليفة فرنسا، والنازية عدوة الشيوعية اللدود. يضاف إلى ذلك أن روسيا لها مكانتها في أوروبا الشرقية. فبدأت المفاوضات بين بريطانيا وفرنسا من جهة، والروسيا من جهة أخرى. غير أن هذه المفاوضات تعقدت وطالت لأسباب لا مجال لبحثها هنا. وقد أصرت بولندا على رفض مرور الجيوش الروسية في بلادها حين وقوع الاعتداء عليها والاكتفاء بمساعدة الروس لها بالأدوات الحربية. غير أن السوفييت رأت في رفض بولندا عدم ثقة بها وبجيشها
هذه الأسباب وغيرها أثرت في الحكومة السوفيتية وجعلتها تنشد سلامة بلادها عن طريق غير طريق التحالف مع بريطانيا وفرنسا، أي عن طريق التفاهم مع عدوها اللدود الذي يهدد بلادها ويؤلب عليها الدول تحت لواء (ميثاق مكافحة الشيوعية) وبذلك تكون أيضاً قد خرجت من العزلة الدولية التي فرضها عليها مؤتمر مونيخ، وأزالت خطر مطامع هتلر والتحارب معه
أما من الناحية الألمانية فإن الهر هتلر وجد بريطانيا وفرنسا عازمتين على وقف عدوانه، وأن سياستهما آخذة في النجاح شيئاً فشيئاً. ورأى في جبهتهما جبهة حصار لبلاده، إن تمت بدخول الروسيا فيها حيل بينه وبين ما يطمع من تحقيق مشروعاته في السيطرة على أوربا. . . أمام هذا الخطر، وأمام الصعوبات الداخلية من سياسية واقتصادية، رأى الهر هتلر أن يخرج من المأزق بعمل يزيده ثقة بتحقيق أطماعه من جهة، ويضعف القوى المقاومة لتلك المطامع من جهة ثانية. فتقدم إلى عدوته السوفييت وعرض عليها المصافاة والصداقة. فصادف ذلك هوى في نفسها ولم تتردد في قبول ما عرض عليها. وبذلك تم ما أسموه (ميثاق عدم الاعتداء) بين موسكو وبرلين