للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكان لهذا الميثاق نتائج هامة غير الحرب التي تدور رحاها الآن في أوربا، في ميادين القتال الثلاثة، البر والبحر والجو

كانت النازية تعتمد في توحيد الصفوف الألمانية وفي إيجاد الحلفاء والأصدقاء على مبدأ (عداء الشيوعية). ولم يخل كتاب هتلر (كفاحي) ولا أية خطبة من خطبه من التنديد بالشيوعية وذكر أخطارها. وكان هذا السلاح الذي استعمله الفور هرر مفيداً ومساعداً له على الوصول إلى ما وصل إليه من توحيد الصفوف في ألمانيا وإيجاد حلفاء وأصدقاء له وقعوا على ميثاق (مكافحة الشيوعية). ولكن تغيير هتلر لاتجاه سياسته الخارجية تغييراً كليا أذهل الشعب الألماني وجعله يرى في تصرفات زعيمه ما يناقض المبادئ التي كان يحمله على الإيمان بها

وكان لتغيير سياسة هتلر الخارجية أسوأ الأثر في اليابان. فاجتاحتها موجة بغض شديد للألمان، كان من نتيجتها استقالة الوزارة في طوكيو وتغير سياسة اليابان الخارجية. وبدأ التقرب بين اليابان وصديقتها القديمة بريطانيا العظمى.

أما في بريطانيا فلم تكن الحكومة والشعب براضيين عما قام به الهر هتلر. وليس ذلك بغريب، لأن للحكومة الإيطالية كرامة عزيزة عليها. وهذه الكرامة تحول بين ألمانيا وبين مرادها في أن تكون إيطاليا أداة لتحقيق مطامعها، حتى على حسابها.

إزاء هذا التأثير السيئ، حاول الهر هتلر إقناع أصدقائه بأن (ميثاق عدم الاعتداء) بين ألمانيا وروسيا لا تأثير له قط على مفعول (ميثاق مكافحة الشيوعية). فكان ذلك مهزلة قبيحة في وسط مأساة مؤلمة.

وكما أن ميثاق موسكو أثر في وضعية ألمانيا الدولية، فقد أثر أيضاً في وضعية الروسيا ومبادئها الشيوعية. من موسكو تتلقى الأحزاب الشيوعية في البلدان الأخرى تعاليمها وروحها؛ وكانت هذه الأحزاب آخذه في الانتشار استناداً إلى الصراع المستمر بين الشيوعية والاشتراكية من جهة، والنازية والرأسمالية من جهة ثانية. ولما رأت الأحزاب الشيوعية في الدول المختلفة أن موسكو مصدر الشيوعية قد حالفت أكبر عدو لها داخلتها الريبة في حسن نية السوفيت، وغاض لديها التشيع لها والدعوة إليها. ولعل أبرز مثال لذلك موقف الحزب الشيوعي في فرنسا، وما استهدف له من فقدان نفوذه على الجماعات الفقيرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>