للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنفى الجهمية للصفات ناشئ من أن التشبيه بالمخلوق مستحيل على الله فوجب أن يؤول ما يرد في القرآن بهذا المعنى، ويؤخذ على غير ظاهره. فالحياة والعلم الإلهيين - في رأى الجهمية - ليس حياة وعلماً كحياتنا وعلمنا تحرزاً منهم من التشبيه، فليس نفيه - والحال هذه - (يعطل الأسماء والصفات تعطيلاً يستلزم نفي الذات المقدسة.

ونفي المعتزلة للصفات ناشئ من أنهم لو أثبتوا الصفات، فإما أنها صفات قديمة قائمة به زائدة عليه فيلزم تكثر في الذات، وتعدد في القدماء والواجباتْ، ومن المستحيل تعدد الذوات القديمة. وإما أنها صفات محدثة فهي عرض لذات قديمة والعرض قابل للتغير والزوال، ومحال على الله التغير. فالمتغير مخلوق ليس بقديم. وإن كانت صفات قديمة أزلية، فإما أن تكون خارجة عن الذات فتعدد القدماء (وأنكره الفلاسفة والمعتزلة وزعموا أن صفاته عين ذاته بمعنى أن ذاته تسمى باعتبار التعلق بالمعلومات عالماً، والمقدورات قادراً ولصعوبة هذا المقام ذهبت المعتزلة، والفلاسفة إلى نفي الصفات، والكرامية إلى نفي قدمها، والأشاعرة إلى نفي غيريتها وعينيتها)

فالفرقتان كما ترى من المعطلة، قد اتفقتا في النتيجة، وإن اختلفتا في الأسباب. وقد كانت مشاركتهما في هذا الأصل داعياً إلى تلقيب المعتزلة بالجهمية (لا لأنهم وافقوا الجهمية في القدر. . . ولكن لأن المعتزلة وافقوا الجهمية في نفس الصفات عن الله،. . .،. . .، وقد ألف البخاري والإمام أحمد كتابين في الرد على الجهمية وعنيا بهما المعتزلة)

فهل رأيت إلى هذا التشارك الذي حلل أن تدعي المعتزلة بالجهمية؟ ذلك معناه أن الجهمية إن كانت من هذه (الطوائف الملحدة) فأنت مضطر إلى أن تعترف بأن المعتزلة من هذه الطوائف الملحدة كذلك. وهذا ما لا يسلم به الأديب الفاضل، وما لم يقل به أحد

هذا ما أحببت أن أوجه هم الأديب الفاضل إليه، وأرجو أن يتقبله بقبول حسن. على أني قبل كل شيء وبعد كل شيء أشكر له صنيعه هذا شكراً جزيلاً

السيد محمد العزاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>