نحن نخسر كثيراً من المواقع الحربية - ولكننا ولا شك سنكسب الحرب. هذه كلمة قالها أحد ضباط الصين في العام المنصرم، وهي كما تبدو كلمة كثيرة التناقض، ولكننا نعيش اليوم في عالم عجيب، فالنصر اليوم لا يعني النجاح، والتقهقر لا يعني الهزيمة. وقد يكون اللاشيء معناه الكثرة، وكل شيء قد لا يدل على شيء فالكلمات تفقد معناها على مر السنين والأيام، حيث تدركها الشيخوخة.
ونحن في الصين بعد أن خسرنا عدة وقائع ما زلنا نحس الانتصار على مقربة منا كأننا لم نصادف في هذه الحرب غير النجاح
ولكن هل يبقى العالم معصوب العينين أمام الحالة التي تعانيها الصين منذ سنتين؟ هل ينتظر حتى يفنى أبطال الصين على بكرة أبيهم في ميدان الحروب ثم يفتح عينيه فإذا العالم كله على أبواب خطر جسيم؟ لقد أفنت الحرب ملايين من أبناء الصين ولم يفطن أحد إلى المثل السامية التي ذهبوا في سبيلها
فالحرب اليابانية كما هي اليوم ليست إلا مقامرة كبيرة بين اليابان التي تعد نفسها دولة أوربية وبين القارة الغربية
وقد كان في وسع أوربا أن تقف تلك الحرب الأسيوية التي تنذرها بأشد الأخطار منذ اللحظة التي نشبت فيها بدلاً من تشجيعها وتقديم الوقود لإشعال نيرانها
لقد كان هذا في الإمكان، بل لقد كان أمراً سهل الوقوع؛ فكلمة واحدة كانت كافية لإنهاء كل شيء. ولكن أوربا لم تدرك بحصافتها أنه متى أذنت الساعة الرهيبة فقد فقدت مركزها في آسيا
إن الصين لا تستطيع أن تميز بين المبدأين المتقاتلين في أوربا، ولكنها تستطيع أن تقول اليوم إن أوربا إذا فقدت مركزها في آسيا لن تستطيع أن تستعيده مرة أخرى
إن الصين تكافح في حرب غير متعادلة. وهي وإن كانت لا تزال محتفظة بداخلية البلاد، فقد فقدت كثيراً من مدنها الجميلة، تلك المدن التي تدين لأوربا في أنظمتها ومظهرها قد سقطت في أيدي الأعداء
إننا ما زلنا نؤمل في أوربا أن تفطن إلى حقيقة الموقف. فقد تستطيع أن تقوم بعمل حاسم لإنقاذ الشرق مما يعانيه