والمغرب واليمن والحجاز والشام والعراق!
ليت ثم ليت! فأحمد أمين نفسه لا يعرف شيئاً من التيارات الفكرية في البلاد العربية والإسلامية لهذا العهد، وهو محتاج إلى ثعالبي جديد يعّرف الناس بفضلاء عصره كما صنع أبو منصور حين ترجم لأقطاب القرن الرابع
فما هذه الغطرسة على أسلافكم يا أدباء آخر الزمان؟
وبأي حق تتجنون على رجال أدّوا واجبهم أحسن أداء وهم في قلة من أسباب الرزق؟
إن أحمد أمين لم ير بلداً غير مصر إلا وهو مكفيّ المؤونة بأموال الحكومة المصرية. . . فهل يعرف كيف كان يصنع رجل مثل ياقوت وهو يطوّف بالمغرب والمشرق وعلى ظهره حقيبة يحمل فيها ما يتّجر به ليعيش؟
وأبو هلال الذي يستشهد أحمد أمين بكلامه في الإيجاز والإطناب؟
أبو هلال هذا لم يعرف سهولة العيش التي عرفها أحمد أمين، فقد قست عليه الأقدار حتى اضطرته، وهو من نوابغ الأدباء والمؤلفين إلى كسب قُوته من مزاولة التجارة بالأسواق، وهو الذي يقول:
جلوسي في سوق أبيع وأشتري ... دليلٌ على أن الأنام قُرودُ
ولو اضطُر أحمد أمين - لا قدر الله ولا سمح - إلى كسب رزقه من مزاولة التجارة في الأسواق لنضب معين فكره وشُغل عن مضغ الكلام في أدب المعدة وأدب الروح. . .!
أُحب أن أعرف ما هي الغاية من تحقير ماضي الأمة العربية؟
أحب أن أعرف لأي غرض شغل أحمد أمين نفسه بالنص على أن عبد الحميد الكاتب فارسيّ الأصل؟
هل يريد القول بأن الأدب التحليليّ وصل إلى العرب من أدباء ليسوا من الأرومة العربية؟
وهو كذلك!
ولكن ما رأيك إذا حدثتك بأن الحضارة العربية هي صاحبة الفضل على عبد الحميد وابن المقفع وسائر من نبغوا في الممالك الإسلامية وهم من أصول أجنبية؟
إنك تعرف أن أعظم ما بقى من آثار ابن المقفع هو الحِكم المبثوثة في الأدب الصغير والأدب الكبير، وهي حِكم يغلب عليها الإيجاز، فهل تعدُ الإيجاز من عيوب تلك الحكم