فهي المسئولة عن عقله وهو بين يديها، وهي التي تقوده إلى هذه الوديان القاحلة. . .
ولم تكن زوجته هكذا على قلة ما كانت تدرك من جمال فنه وروعته. فهي لم تغازله بالفن، ولم تناوشه بالنغم، وإنما هجمت عليه بإخلاصها وعطفها ورعايتها، ولمست فيه طفولته وحيرته في الحياة خارج ميدان الفن، ولقد أرشدت هذه الزوجة البارة بارونة زوجها إلى هذا الطبع في نفسه يوم أرادت البارونة أن تأخذه منها فقالت لها:(لا تأخذيه على أنه رجل فهو لا يعرف من أموره أمراً، ولا يمكنه أن يدبر شأناً من شؤونه لأنه طفل!)
كان هذا تعبير زوجة استراوس، وكان هذا التعبير هو الصدق وكان هذا الصدق نتيجة ما كان بينها وبينه من صراع في الغزل والحب، فقد عجزت عن الفن كل العجز أمامه، وعجز هو عن إدراك ما كان في نفسها من قوة الرعاية والحدب كل العجز أيضاً فاندمجا وتشابكا
فلو كانت هاتان العاشقتان واحدة!
أما زوجة استراوس فما كانت تستطيع أن تستكمل نقصها بمثل ما كان في البارونة من فطرة الفن، فالفن موهبة. وأما البارونة فقد كانت تستطيع أن تتعلم من زوج استراوس طريقة ترويضه وصيانته، إذا احتاجت إلى شيء من هذا. . . ولم تكن لتحتاج لو أنها أعملت الفن. . .