للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وضع مهندس ألماني مشروعاً عجيباً لتخفيض مياه بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) ستمائة قدم بإقامة سد عظيم على بوغاز جبل طارق المتقارب الشاطئين.

ويقال إن إيطاليا التي تطلب مزيداً من الأرض، سوف يمنحها هذا المشروع ما تريد من الأرض الواسعة، لا من الدول الأخرى التي تمانع في ذلك كل الممانعة، ولكن من البحر. ومن المعلوم أن إيطاليا تريد أراضي متاخمة لمستعمراتها، وهذا من السهل أن تحصل عليه إذا نفذ هذا المشروع.

ولكن ماذا عسى أن تقول فرنسا واليونان ومصر عن هذا المشروع؟ إنها ولا شك ستستفيد أصقاعاً فسيحة من الأرض الخصبة؛ وستكون لديها فرصة عظيمة لاستغلال القوى المائية في مختلف الصناعات.

ولعل بريطانيا وغيرها من الدول التي تعول على الملاحة في هذا البحر هي وحدها التي تخشى الخسارة من تنفيذ هذا المشروع. ولكن هذه الدول قد لا تتأثر بتنفيذه إذا أنشئت الممرات والخلجان التي تسهل لسفنها السير وتجعل حركة الملاحة متيسرة على الدوام

ومما يجعل هذا المشروع محتمل التنفيذ أن مياه البحر الأبيض المتوسط بطبيعتها تسير نحو النقصان. فإن الأنهار العظيمة التي تصب فيه، وهي نهر إلبو الإيطالي ونهر الرون الفرنسي ونهر النيل المصري وبعض الأنهار الصغيرة - تعد قليلة لا تعوض المياه التي يفقدها هذا البحر بالتبخر. ولا بد من وصول فيض من المياه إليه عن طريق البحر الأسود وبوغاز جبل طارق الذي يمده بمياه المحيط الإطلنطيقي

فإذا وضع سد محكم على بوغاز جبل طارق، ووضع سد آخر على باب البحر الأسود بوغاز الدردنيل، فإن مستوي مياه البحر الأبيض يهبط بالتدريج، إذ أن مقدار المياه التي يفقدها بالتبخر ستزيد على المقدار الذي يصب فيه

وإذا كان المشروع يرمي إلى تخفيض مياه هذا البحر ستمائة قدم فحسب، فمن الميسور بعد أن يتم هذا التخفيض أن يسمح لمياه البحر الأسود، ومياه المحيط الأطلنطي أن تصب فيه بمقادير معينة تمنع الخطر المنتظر من حبس هذه المياه

فالمشروع كما هو ظاهر لا يستعصي على التنفيذ، وهو من المشروعات التي تدر الخير والنفع على كثير من الأمم الواقعة على هذا البحر.

<<  <  ج:
ص:  >  >>