ماذا عسى أن يكون مصير الشعوب الصغيرة التي ضمنت على ضعفها أن تعيش في حمى الشرف والعدل والسلام، إذا تغلب هذا الطغيان النازي الذي يريد أن يحكم العالم على أساس استعباد الضعيف، وتسخير قوى الناس والطبيعة لسيادة عنصر واحد وإرادة رجل واحد؟
إن ميراث الإنسانية المتدينة المتمدنة أخلاق وثقافة ونظم هو اليوم في حمى الدول الديمقراطية الحرة تدافع عنه وترعاه وتمسك به الأرض أن تميد وتبيد. وليس للأمم الصغيرة سبيل للحياة الحرة إلا أن تساهم في هذا الدفاع بإخلاص وقوة، فإن ضمان العيش للقلة بجانب الكثرة، وللعجز في كنف القدرة، هو هذه الفضائل الاجتماعية التي نبتت في أصول الدين ونمت في ظلال الديمقراطية. أما إذا شاء القدر - ومعاذ الله أن يشاء - أن يتحكم هوى الطغيان في حقوق الإنسان فيذهب بالإخاء أثرة جنس، وبالمساواة سيادة شعب، وبالحرية استبداد فرد، فقل إنها دنيا للشر جديدة نرجو أن لا يكون لنا فيها وجود!