للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(السرازين) أي الذرة السمراء (كما يقولون!) يعنون بذلك عرب أسبانيا نظراً للونهم الصحراوي الأسمر!

ثم أخذت طريقها بعد ذلك إلى إيطاليا، فتسللت إلى شعر الفروسية الإيطالية باسم (ساراشيني) وفي أثناء الحروب الصليبية كان المسيحيون يطلقونها أيضاً على المسلمين أجمعين، وقد ذكرها الشاعر الإيطالي (دانتي) في (جحيمه) بقوله:

ومعلوم من التاريخ أن غزوات العرب قد وصلت إلى معابر جبال الألب ومنافذ سويسرة بعد أن استولوا على جزء عظيم من جنوب وشمال إيطاليا. وفي استطاعتنا أن نقول أنه لا يوجد اليوم جزء من أجزاء العالم يردد أهله ذكر (السرازين) في حكايات أقرب إلى أن تكون من عمل خيالات القصصيين المولعين بأخبار الحماسة، كبلاد سويسرة. فعلى جبال هذه البلاد بنى (السرازين) آطامهم وقلاعهم وحصونهم، وما زالت حتى هذه الساعة محتفظة باسمهم، وفي مهاوي هذه الشعاب البعيدة عن العالم تقوم كنائس وأديرة ما فتئ رهبانها يذكرون أخبار (السرازين) في عبارات مزيجة بالخرافة والتاريخ!

هذه قصة (السراكينوس) تتبعناها من منبعها إلى موقعها بحسب ما توفر لنا من البحث والزمن، ويرى القارئ من هذا التفصيل السابق أن هذه الكلمة قد أصبح أمرها معروفاً من حين خروج العرب من جزيرتهم، وأنها لا تطلق إلا عليهم، ولكن المشكل المحيّر هو:

من هم هؤلاء (السراكينوس) قديماً؟

ومن أين اشتق هذا الاسم؟

سؤالان لم يجزم بحقيقتهما حتى الآن؛ فقد ذهب المؤرخون في مأخذ هذا اللفظ مذاهب شتى، كلها من قبيل الظنون والرجوم، فمظانها غامضة، وأثرها مطموس، وللمؤرخين أقوال في هذه (اللفظة) نجملها فيما يلي:

١ - في العصور القديمة كانت تطلق على قبيل بعينه كما بينا فيما مر، ولكن في العصور المتأخرة ذهب المؤرخون فيها مذاهب شتى، فيرى بعضهم أنها:

٢ - تصحيف (شرقيين) العربية، ويدللون على رأيهم هذا أن حرف (الشين) العربي لا يوجد في الإغريقية، ولا الرومانية.

٣ - (سرّاقين) أي (اللصوص)، ويقصد بهم سكان الصحراء!

<<  <  ج:
ص:  >  >>