للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موبرج) المدرس بجامعة لند من أعمال السويد. أما (السراكينوس) فلم يروا لهم ذكر يذكر في هذه الأسفار السريانية، ما خلا رسالة وضعها برداسانيس السرياني في بداية القرن الثالث للميلاد بعنوان ' ذكر فيها الطائيين و (السراكينوس) بقوله: (إنهما قبيلتان تمثلان أهم القبائل العربية الرحالة)

وأستمر الحال على هذا في تلك الأعصار الماضية والسراكينوس لا يعرفون إلا في تلك الطوائف الصغيرة التي تظهر أحياناً مغيرةً من وراء الحدود النبطية، حتى نهض العرب نهضتهم المشهورة، حاملين الرسالة الإنسانية، فبدت طلائع خيلهم من وراء التخوم الفلسطينية تتواكب شمالاً ويساراً على حفافي البحر المتوسط؛ فاهتزت لها أرجاء المملكة الرومانية، وارتعدت لها فرائص القياصرة، وسرى أمر (السراكينوس) بين أمم البحر المتوسط مسير الشمس، فأصبحت هذه الكلمة من هذا الحدث التاريخي العظيم قد أخذت لها معنى واسعاً عن ذي قبل، فكانت سِمة الشعب العربي كله

من هذا نرى أن الكلمة قد تقمصت شكلاً آخر أو مشت متطورة إلى دور ثان، وسنراها كذلك قد دخلت في طور ثالث؛ وذلك أن العرب عندما اشتدت هجماتهم على ممالك الروم في مصر والشام، وذاع من أمرهم أنهم يحملون ديناً جديداً إلى العالم، أقضَّ هذا مضجع الكنيسة الشرقية في عاصمة بيزنطية. فأرسلت رسلها إلى الكنائس الغربية تنبئها بأمر المسلمين، وأن شيئاً جديداً قد صار يهدد الكنائس!!

ولما ودع هرقلُ سوريةَ وداعه الأخير المشهور، واكتسحت جحافل أبن العاصي فلول الرومان في مصر، كان أمر (السرازينس) قد ملأ النفوس رعباً وممالك الفرنجة إضطراباً، حتى أصبحت هذه الكلمة من مرادفات الهول والموت؛ ومن ذلك الوقت عُرف المسلمون بـ (السرازين) وإن كانوا هم العرب في حقيقة الأمر والواقع!

وبقى البيزنطيون على وجه أخص يطلقون هذا الاسم على المسلمين إلى أواخر القرون الوسطى حتى سقوط الخلافة في بغداد. يؤكد لنا هذا خبرُ أبن بطوطة عندما دخل القسطنطينية فحياه إمبراطورها باسم (سراكينو) أي مسلم

ولما أستقر العرب في أسبانيا كانت كل الأمم الأوربية قد سمعت بـ (السرازين) وراحت هذه اللفظة متغلغلة في آداب هذه الأمم؛ فاستعملها الفرنسيون في شعرهم الحماسي باسم

<<  <  ج:
ص:  >  >>