للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر المؤرخ الروماني بلينوس الأكبر في كتابه (التاريخ الطبيعي)، وقد كان معاصراً للإغريقي السابق الذكر، هؤلاء (السراكين)، فقال: (إنهم من جملة القبائل العربية الثاوية في صميم الصحراء، والتي تتاخم بلادهم بلاد الأنباط).

وجاء على أثر هؤلاء المؤرخ بطليموس، في منتصف القرن الثاني للميلاد، فذكر بلاد (السراكين فقال: (إنها تقع في بلاد العرب الحجرية وعين مكانها بقوله إنها تقع في غرب الجبال السوداء التي تمتد - بناء على قوله - من خليج فاران إلى أرض اليهودية. . .)

ولم يكتف المؤلف بكلامه هذا، بل عاد ونقض قوله، فقال في موضع آخر من مؤلفه: إن (السراكين) شعب يقيم في داخلية بلاد العرب السعيدة يقصد بذلك بلاد اليمن. وزاد على ذلك فقال: إن (السكينتس) وقوم عاد يسكنون الهضاب المرتفعة، وبالقرب منهم نحو الشمال والجنوب يوجد (السراكينوس) والثموديون!

وهذه الفقرة الأخيرة من بطليموس بعيدة عن إفهامنا كل البعد إذ لا يصدق مطلقاً أن توجد قرابة في المسكن بين (السراكينوس) و (العاديين) مثلاً؛ فأولئك - كما علمنا - مساكنهم حوالي جزيرة سيناء، وهؤلاء مثاويهم في جبال حضرموت والمسافة بين البلدين طويلة لا تقاس!

ولعل بطليموس قاس هذا قياس استيطان لا قياس مساحة بالنسبة لجهله بأبعاد الجزيرة. وأما قوله إن (السراكينوس) على مقربة من (قوم عاد) كما ذكرنا، في بلاد العرب السعيدة، بعد أن أقرهم في بلاد العرب الحجرية، فلا يبعد أنهم كانوا يفهمون كل ما هو خلف بلاد الأنباط من بلاد، هو من بلاد العرب السعيدة، إذ هم يتصورون أجواءها وراء هذه الحدود، والسراكينوس كانوا عندما يهاجمون هذه الممالك سرعان ما يختفون في أجواف هذه الصحراء صوّب اليمن. . .

مع كل ما سبق، إذا جئنا نتلمس هذه الكلمة في الأسفار اليهودية والسريانية لم نعثر فيها على ما يشفي غلة الباحث الصادي. نعم! إن الكنائس السريانية قد برّزت في هذا المجال فحفظت لنا أسفاراً قديمة جداً تتعلق بأخبار الساميّين - وخاصة ما يتعلق بهم من ناحية العقيدة، كما يتضح لنا هذا في (كتاب الحميريين) الذي نقله من نص سرياني الأستاذ (إكسل

<<  <  ج:
ص:  >  >>