تسانداً، فكلما بنت يد طلعت حرب، عزفت قيثارة شوقي. وكلما تحدث طلعت حرب، تغنى بشاعرية شوقي. فترى طلعت حرب يحتفظ بآثار صاحبه الشاعر في أعز ركن من بيته، ثم تراه في الحفلة التي أقامها التجار لتكريم الزعيم الطيب الذكر سعد زغلول في فندق سميراميس يوم ١٣ أبريل سنة ١٩٢١، ينتهي في خطابه الكريم بقوله:
واختتم متمثلاً بقول شاعرنا شوقي:
صح بالصباح وبَشِّر ... أبناء بالمستقبل
واسأل لمصر عناية ... تأتي وتهبط من عل
قل ربنا أفتح رحمةً ... والخير منك فأرسل
أدرك كنانتك العز ... يزة ربنا وتَقَبَّلِ
أما تراه يقول (شاعرنا شوقي)؟ أو لم يكن شوقي شاعر بنك مصر الذي صحبه في شعره من يوم تأسيسه، وسجل حركاته وبركاته وشركاته؟
أليس هو القائل للامية المشهورة في تأسيس بنك مصر، والتي مطلعها:
قف بالممالك وأنظر دولة المال ... واذكر رجالاً أدالوها بإجمال
وانقل ركاب القوافي في جوانبها ... لا في جوانب رسم المنزل البالي
ما هيكل الهرم الجيزي من ذهب ... في العين أزين من بنيانها الحالي
أو ليس هو قائل الدالية العصماء في الاحتفال بوضع الحجر الأول في أساس بنك مصر، التي مطلعها:
نراوَحُ بالحوادث أو نُغَادَى ... وننكرها ونعطيها القيادا
ونحمدها وما رعت الضحايا ... ولا جَزَتْ المواقف والجهادا
لحاها الله! باعتنا خيالاً ... من الأحلام واشترت اتحادا
أو ليس هو صاحب الميمية الخالدة في حفلة افتتاح الدار الجديدة لبنك مصر، التي مطلعها:
نبذ الهوى وصحا من الأحلام ... شرقٌ تنَّبه بعد طول منام
ثابت سلامته وأقبل صحوه ... إلا بقايا فترة وسقام
والآن، آن أن نستجمع آثار هذه الصلة بين سيد الشعراء وسيد رجال المال، لنرى كيف عكست صورتها الجلية على روحيهما في تلك الليلة المشهودة، ليلة تأسيس بنك مصر في