للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اليوم السابع من مايو سنة ١٩٢٠، حين وقف طلعت يردد ما يثيرون تجاهه من اعتراضات، فراعنا كل الروعة أن نجد هذه الاعتراضات مردودة كلها في قصيدة شوقي التي قالها في نفس الليلة، ويدهشك أن يحدث هذا الاتفاق بغير سابق اتفاق إلا صلة الروحين الساميتين.

الاعتراض الأول، أننا أردنا لبنك مصر ورأس ماله صبغة مصرية، فأثبتنا تعصبنا وتأخرنا في المدنية. وفي ذلك يقول شوقي إن الدنيا للمال، ولا حياة لأمة بغير المال:

والمال، مذ كان تمثال يطاف به ... والناس مذ خلقوا عُبَّاد تمثال

إذا جفا الدور فانع النازلين بها ... أو الممالك فاندبها كأطلال

والاعتراض الثاني، أنه ليس في مصر من يصلح لأعمال البنوك، وفي ذلك يقول شوقي إننا قد خطبنا المعالي، وأردنا جلائل الأعمال، فعلينا أن نعد العدة لها، فيومئذ لن يصعب على المصري شيء، ويومئذ يصلح المصري لكل جليل، وهذه العدة هي العلم والمال

يا طالباً لمعالي المُلك مجتهداً ... خذها من العلم أو خذها من المال

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم ... لم يُبْنَ مُلْكٌ على جهل وإقلال

والاعتراض الثالث، أن الأمة مع كل الطبل والزمر اللذين أحاطا المشروع، لم يمكن أن يجمع منها سوى ثمانين ألفاً من الجنيهات وعندئذ يهيب شوقي بسراة مصر أن يهبوا لدفع هذه الدعوى، ونصرة الوطن، إذ يقول:

سراة مصر، عهدناكم إذا بسطت ... يد الدعاء، سراة غير بَخَّال

تبين الصدق من مَيْن الأمور لكم ... فامضوا إلى المال لا تلووا على الآل

ويحدثهم عن الخير المنتظر من وراء هذه الدار فيقول:

دار إذا نزلت فيها ودائعكم ... أودعتم الحبَّ أرضاً ذات إغلال

آمال مصر إليها طالما طمحت ... هل تبخلون على مصر بآمال؟

فابنوا على بركات الله واغتنموا ... ما هيأ الله من حظ وإقبال

يقول الأديب الكبير (تورناد) إن الرجال يذهبون، ولا يبقى من مجدهم إلا ورقات تتعب رؤوس التلاميذ في المدارس

ولكن مجد طلعت حرب، شيء أسمى من مجد الرجال، وهو باقٍ ما بقى بنك مصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>