شفتيك هذا (الأحمر) الذي تكذبين به على الناس وعلى نفسك. . .
- يا لطيف! هل أكلت اليوم مسامير تنفخها في كلامك فتخرق بها الآذان والأفئدة؟
- يا ما أكلت المسامير والزجاج والنار. . . وتجيئين أنت في آخر الزمن لتهزئي بالسحار الذي علمته الأفاعي الصدق والرحمة، لنا الله معاً.
- هل هذا الكلام موجه لي أنا؟
- لك أنت، لكما أنتما، لكن أنتن، لي أنا، لنا نحن. . . ألا تحفظين بقية الضمائر؟
- لا ريب أنك مجنون؟
- ولم لا؟ ربما كانت البارونة تقول هذا عن استراوس! أما هو فلا ريب أنه قال هذا عنها
- فأيهما كان المجنون؟
- الاثنان معاً!
- لماذا؟
- لأنهما افترقا، ولم يكن يصلح لها غيره، ولم يكن يصلح له غيرها. وما كانت لتهجره لو أنها قرأت مقال الأسبوع الماضي الذي أسخطك، فقد كانت (أميبة) لا يعجبها كل رجل، وكانت فيها قوة الإبداع الفني والانشقاق على نفسها، وإن كانت لم تمارسها لظنها أنها امرأة
- بدأ الغرور يركبك
- أعتذر. وأستغفر الله. وأمسح الأرض بوجهي ورأسي بين يدي جلاله وعزته، وأعود فأقول إنهما كانا يتفقان لو أنهما رأيا نفسيهما كما أراني الله إياهما. . . ألم نقل إنهما كانا (آميبين) كل منهما ينشق على نفسه فنوناً، أو لم أقل لك إن من (الأميبين) من يصلح (للأميبات) كل الصلاح. لقد كان هذان من هؤلاء
- كيف؟
- الرجل يا آنستي ابن رجل وامرأة ففيه من الرجولة والأنوثة، وهو لم يكن رجلاً إلا لأنه ورث من أبيه أكثر مما ورث من أمه. فلو تعادل الذي ورثه منهما كان خنثى، وكذلك المرأة، وفي الرجال من تبلغ رجولتهم تسعين في المائة من حيويتهم وهؤلاء (حيوانون) أكثر منهم أناسا، ولعل راسبوتين كان من هؤلاء، فالتاريخ يروي أنه كان يعصف بالنساء عصفاً، ورجل مثل هذا لا تشبعه المرأة إلا إذا بلغت أنوثتها تسعين في المائة من حيويتها