للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يتعلم الناس تعلماً تاماً صنع أطباقهم بواسطة النار

صنعوا (القمائن) وهي أفران تصنع في العادة على شكل خليات النحل وهم يضعون فيها ناراً تحترق في بطئ، وفي استمرار عدة ساعات أو عدة أيام. ثم عرفوا بالتجربة مقدار الحرارة الكافية لصنع كل نوع من أنواع المزيج والمدد المختلفة التي يجب أن يقضيها بتلك القمائن كل جنس من الصلصال

ولكن سر إحراق الصلصال هو الأساس لصنع كل ما يتعلق بالفخار والطوب بما في ذلك ما يصنع اليوم من أواني الصيني ومن الأوعية الجميلة السكسونية ومن الأحجار التي تشاد بها مباني العصر، وألف شيء آخر مما أنشئت عليه مدينتنا الحاضرة

أما الاستكشاف الخامس فقد جاء في عهد تأخر موعده: جاء في العهد الذي تاق فيه الإنسان إلى الجمال وإلى النفع معاً فيما يصنعه

وقد كان صانعوا الصلصال في أقدم العصور يحاولون على أساليبهم الخشنة أن يزينوا الأواني حتى ولو لم يكن ذلك إلا بآثار الإبهام على حافة الأواني

وكان المصريون والبابليون والليديون يحلون أوانيهم والطوب الذي يصنعونه والتماثيل بألوان لامعة مستخرجة من أكسيد الأثمد والنحاس الأحمر والصفيح

وكان اليونان يستعملونه دهاناً صلباً يغطون به الأواني الجميلة ذات اللونين الأسود والأحمر، ولكن الفخار الرقيق اللامع الذي يكاد يكون شفافاً لم يكن من صنع شعب من هذه الشعوب؛ فإن صناع الأواني في الصين قد بدءوا تجاريبهم بإحراق الصلصال في (القمائن) حين كان معاصروهم المجهولون بين الشعوب الأخرى لا يزالون يصنعون الأواني من الطين المجفف في الشمس، وكان الصقل بالخزف أمراً معروفاً في الصين قبل مائتي عام من بدء التاريخ المسيحي، وفي القرن السابع للمسيح تعلم الصينيون أن يضيفوا إلى نوع خاص من الصلصال أسمه (كاولين) نوعا آخر من الحجر الرملي أسمه السليكي فيستخرج من مزجهما مادة أدق. واسم (كاولين) مأخوذ من أسم جبل في الصين (كاو - لين) أي القمة العالية. وقد استخرجوا لأول مرة من ذلك الجبل ذلك الصلصال العجيب، وهو غير قابل للذوبان مهما اشتدت حرارة النار، والغاية منه كما جاء في التعبير الصيني (لصنع عظام الأواني) وأما السليكي فإنه يشبه الجرانيت أي أنه قابل للذوبان على درجة عالية من

<<  <  ج:
ص:  >  >>