وتلقى الخطب الحماسية؛ وقد شهدت نوعاً من هذا في محافل نورمبرج النازية.
وأما تهذيب الشعب من باب التسلية فبتنظيم المحاضرات السهلة الجذابة، ومدارها مبادئ علم الصحة والأخلاقيات، والوطنية، وبتمثيل مسرحيات مؤدبة باللغة العامية على أن تكون غير مرذولة.
وأما بسط الرقابة الشديدة على أعمال إدارات المسارح والإذاعة وغيرها فالمقصد منه وضع الشيء موضعه: فلا يهضم حق مؤلف أو ممثل أو مغن، ولا يفضل هذا على ذاك بغير حق، ولا يُبعَد مخرج قدير لسبب لا يتصل بمجرى عمله، ولا ينفق مال استهواء للصحافة التي لا وزن لها، ولا تشترى مسرحية ثم لا تمثل، ولا يتسلط مغن أو عازف لأنه ذائع الصيت إذ من حق الكفايات كلها أن تعجم فتستثمر. . . هذا قليل من كثير.
بقيت خدمة الفن الخالص. فإذا قلتَ إن الفن الخالص خاص (أرستقراطي) فلا خير فيه للأمة، قلتُ إن في الأمة جماعة من أهل الثقافة اللطيفة فلابد لهم من غذاء، بل بالأمة حاجة أن يقال إن فيها من الكتاب من هو منجذب إلى الإنشاء الرفيع ومن الموسيقيين من يكره الأنغام المطروقة والحيل الموروثة الموقوفة، ومن الراقصين أو الراقصات من يأنف هز الكتف ورفع البطن وخفض الردف، فإنما صيت الأمم يعلو ويستطير بفضل أهل الفن الخالص السامي، على وجه العموم؛ وهل يضر مصر أن يعلو صيتها؟
هذا ويلحق بالفن التصوير والنحت فلِمَ أسقطتهما إدارة الدعاية من الخطة التي رسمتها؟ وفي مصر فئة من المصورين والنحاتين لهم أن يظفروا بالتقدير والرعاية، فهذه معارضهم لا يلتفت الناس إليها كثيراً، وعلى مثل الصديق توفيق الحكيم أن يرشد الناس إلى قدر الصور والتماثيل.
وفي مأمولي أن يفلت هذا الفن الخالص (وكذلك العلم الصِّرف) من القيود المختلفة وينجو من سطوة الأوضاع التقليدية أو المذاهب السياسية حتى لا يهزل هزلته على يد ألمانية الهتلرية حيث النازية حكمت على كثير من ألوان الفنون المستحدثة بأنها شر وفساد.