للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإسلامية، ولا عارض مساعي النهوض والتفاهم بين المسلمين

فكل ما يقال عن مبدأ الأخوة الإسلامية لا يكون دليلاً كافياً على إمكان تحقيق الوحدة الإسلامية

وأما الاستشهاد على إمكان الوحدة الإسلامية بالماسونية أو الاشتراكية أو الشيوعية فليس موافقاً للعقل والمنطق بوجه من الوجوه، لأن الماسون لم يؤلفوا وحدة سياسية، والأحزاب الاشتراكية في الممالك الأوربية المختلفة لم تتحد لتكوين دولة واحدة؛ حتى الشيوعية نفسها لم تكون دولة جديدة، بل قامت مقام الدولة الروسية القيصرية

فيجب علينا أن نميز بين مسألة الأخوة الإسلامية ومسألة الوحدة الإسلامية تمييزاً صريحاً، وأن نفكر في إمكان أو عدم إمكان تحقيق الوحدة الإسلامية - بمعناها السياسي - تفكيراً مباشراً

٣ - إذا ألقينا نظرة عامة على التاريخ، واستعرضنا تأثيرات الأديان في تكوين الوحدات السياسية، نجد أن الأديان العالمية لم تتمكن من توحيد الشعوب التي تتكلم بلغات مختلفة إلا في القرون الوسطى، وذلك في ساعات محدودة ولمدة قصيرة من الزمن

فإن الوحدة السياسية التي حاولت تكوينها الكنيسة المسيحية لم تستطع أن تجمع العالم الأرثوذكسي بالعالم الكاثوليكي في وقت من الأوقات. . كما أن الوحدة السياسية التي سعت لتكوينها البابوية في العالم الكاثوليكي نفسه لم تعمر مدة طويلة

وكذلك كان الأمر في العالم الإسلامي، فإن الوحدة السياسية التي وجدت في صدر الإسلام لم تقو على تقلبات الأيام مدة طويلة، والخلافة (العباسية) نفسها لم تستطع أن تجمع كل المسلمين تحت رايتها السياسية، حتى عند بلوغها أوج قوتها وقمة عظمتها؛ كما أن البلاد التي كانت تخضع لسلطان هذه الخلافة نفسها لم تحافظ على وحدتها السياسية بصورة فعلية مدة طويلة، ولم يمض وقت طويل على تأسيس الخلافة المذكورة حتى أصبحت سلطتها على الأقطار معنوية أكثر منها مادية، فلم تقو على الحياة دون انفراط عقد الأقطار المذكورة، وتحولها إلى وحدات سياسية عديدة مستقل بعضها عن بعض بصورة فعلية

ومما يجدر بالانتباه في هذا الصدد أن انتشار الدين الإسلامي في بعض الأقطار تم بعد أن فقدت الخلافة الإسلامية وحدتها الفعلية وقوتها الحقيقية، حتى أن هذا الانتشار جرى في

<<  <  ج:
ص:  >  >>