للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرومي ورث طريقة التحليل عن أجداده الأبعدين من اليونان

ولست بصدد الرد على المازني، الأديب العظيم، حتى ابحث من أين أخذ هذا الرأي، وإنما يحق لي أن أسأل: هل كان ابن الرومي أول شاعر عربي له أسلاف من اليونان؟

ومن هو الجد اليوناني لطرفة بن العبد، وقد وصف ناقته في المعلقة وصفاً هو النهاية في التحليل والاستقصاء؟

ومن هو الجد اليوناني لعمر بن أبي ربيعة وأشعاره تقوم على أساس من الحوار والتحليل والتمثيل؟

ومن هو الجد اليوناني للشاعر لبيد وفي معلقته تحليل دقيق؟

ومن هو الجد اليوناني للشريف الرضي وفي حجازياته أوصاف وتحليلات لم يهتد إلى مثلها سدنة الهياكل اليونانية؟

وما رأي الأستاذ أحمد أمين في أبي العلاء صاحب اللزوميات وصاحب رسالة الغفران؟

ألا يرى أن أبا العلاء كان من الشعراء الذين يجيدون تحليل المعاني؟

إن أبا العلاء قضى الشطر المثمر من عمره، وهو يحاور نفسه ودنياه، وقد وصل في التحليل والاستقصاء إلى أبعد الحدود، برغم المآخذ النفسية التي قيدناها عليه في كتاب (وحي بغداد) فهو عندنا لا يقل عظمة في تحليلاته ومحاوراته عن أكبر شاعر يبرع في الحوار والتحليل.

أفلا يتفضل الأستاذ أحمد أمين بالاعتراف بمكانة أبي العلاء بين أقطاب الشعراء والمفكرين، فيضيفه إلى ابن الرومي وابن خلدون؟!

يظهر أن الأستاذ أحمد أمين نسى أن أبا العلاء شغل الأستاذ العقاد والدكتور طه حسين، فنشر الأول كتاباً عن أبي العلاء ونشر الثاني كتابين!

يظهر أنه نسي ذلك، وما أنساه إلا الشيطان، ولولا ذلك لاعترف بمكانة أبي العلاء رعاية للعقاد وطه حسين، إن عزت عليه رعاية الحق!

وأرجع فأقول: إن من التجني على شعراء العرب أن نقول بحرمانهم من النزعة التحليلية، فهم في أغلب الأحوال يهتمون بتصوير المعاني، ويشعرون السامع والقارئ بأنهم يحاورون العواطف والقلوب والعقول، وإليكم قول تميم بن جميل وهو يرعد من خوف الموت

<<  <  ج:
ص:  >  >>